نام کتاب : لقد شيعني الحسين ( ع ) نویسنده : إدريس الحسيني المغربي جلد : 1 صفحه : 208
وعندما احتد الصراع بين أبي ذر وعثمان ، وحدت لهجته أمام كعب ، أمره عثمان بالالتحاق بالشام . وتلك كانت جزءا من الخطة التي اعتمدها عثمان ، في نفي الصحابة إلى الشام ليذلهم بمعاوية بعيدا عن الأنظار . غير أن أبا ذر أصدق لهجة من أن تحتويه ( ديماغوجية ) معاوية بن أبي سفيان . لذلك أفشل مخطط عثمان ، فكاد يفجر الأوضاع على معاوية في الشام . حيث استمر على ذات الشعار . وانتقد معاوية انتقادا جذريا ، إذ قال له بعد استنكاره بناء ( الخضراء ) ، إنه إن كنت بنيتها بمال المسلمين ، فقد خنتهم ، وإن كان ذلك من مالك فهو إسراف . وفي كلتا الحالتين ، يكون سلوك معاوية منحرفا عن خط السياسة الإسلامية فكان يجتمع حوله الناس ويصغون . وعز على معاوية أن يفقد مكتسبات سنوات من التربية الأموية للشام فكتب إلى عثمان ، يستنجده من أبي ذر . فطلب منه عثمان أن يشخصه إليه في أغلظ مركب وأوعره . فلما حضر المدينة ، لم ينته عن أن يصدع بالحق في وجوه الفئات الأرستقراطية الأموية . واستمر في مهمة التحريض . وكان من مصلحة عثمان والأمويين أن لا يبقى أبو ذر في المدينة ولا في الشام ، ولا في أي أرض يكثر فيها الناس فنفاه إلى الربذة ، حيث لبث فيها إلى أن مات . وتذكر التواريخ ، أنه لم يجد إلا عابري سبيل دفنوه بعد أن عجزت زوجته عن ذلك . هذا هو النهج القمعي ، الذي مارسه عثمان مع أقرب رجالات الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يرع فيهم شهادة الرسول صلى الله عليه وآله ولا مودته لهم ، بل جن جنونا لم يعد يعترف ألا بمصلحته وأقربائه . وفي نفس الوقت الذي فعل ذلك بالصحابة الكبار ، الذين تمسكوا بخط الرسول وآل بيته . كان يغدق في العطاء للطلقاء من أقربائه . فلقد طرد أبا ذر إلى الربذة ، أحد حواري الرسول صلى الله عليه وآله وأعاد من المنفى خصم رسول الله الحكم بن العاص . وقطع العطاء على ابن مسعود ، ووسع في الإمارة لمعاوية بن أبي سفيان . واغتصب فدكا من ولد فاطمة الزهراء ( ع ) وأقطعها مروان . ورفض قضاء علي ( ع ) بخصوص عبيد الله إن عمر وقبل قضاء عمرو بن العاص فيه . وكان عمار بن ياسر قد حزن لما سمع بموت أبي ذر ، وأفصح عن عواطفه تجاهه . فلما رأى منه عثمان ذلك ، ظن أنه يوجه إليه
208
نام کتاب : لقد شيعني الحسين ( ع ) نویسنده : إدريس الحسيني المغربي جلد : 1 صفحه : 208