لماذا الرجوع إلى التاريخ ؟ ليس ثمة شئ في ديننا ، إلا وله علاقة بالتاريخ ، وما نملكه اليوم من عقائد وأحكام وثقافات إسلامية ، كلها جاءتنا عن طريق الرواية ، فحري بنا ، أن يكون التاريخ عندنا ، هو أحد المصادر العلمية المهمة . بعضهم بلغ من الحكمة شأوا بعيدا ، فيقول : ( لا داعي للبحث عن هذه القضايا القديمة في التاريخ ، لأنها باعثة على الفتنة ) . لقد تحول البحث عن الحقيقة ، فتنة في قاموس هذا الصنف من الناس ، وكأنهم يرون البقاء على التمزق الباطني ، حيث تتشوش الحقيقة ، وتغيب ، أفضل من الافصاح عن الحق الذي من أجله أنزل الوحي ، وتحركت قافلة الرسل والأنبياء ، وكأن مهمة الدين هو أن يأتي بالغموض ، وكأن الله عز وجل أراد أن يبلبل الحقائق ، ويقمعها بحكمة : ( لا تبحث في التاريخ ) مثلما بلبل لغة الإنسان في أسطورة بابل . إنني أدركت منذ البداية أيضا أن الحقيقة أغلى ، وأنفس ، من الرجال دون استثناء ، وأنه لا بد لي أن أوطن نفسي وأهيئها للطوارئ في معترك التنقيب عن الحقائق الضائعة ، والفضائح الغابرة . كنت واضعا نصب عيني ، احتمال الفراق ، مع مجموعة شخصيات كانوا يجرون مني مجرى الدم ، وكنت واعيا منذ البداية ، ومدركا لأهداف الرسالة