تأخذه في الله لومة لائم ، ولا يثني عزمه من حطام الدنيا شئ - وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم ذلك علم اليقين وكان في كل مناسبة يشيد بفضائل أخيه وابن عمه لكي يحببه إليهم فيقول : حب علي إيمان وبغضه نفاق [1] - ويقول علي مني وأنا من علي [2] ويقول علي ولي كل مؤمن بعدي [3] - ويقول علي باب مدينة علمي وأبو ولدي [4] ويقول : علي سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين [5] . ولكن مع الأسف ما زادهم ذلك إلا حسدا وحقدا ولذلك استدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته فعانقه وبكى ، وقال له : يا علي : إني أعلم أن لك ضغائن في صدور قوم سوف يظهرونها لك بعدي . فإن بايعوك فاقبل وإلا فاصبر حتى تلقاني مظلوما [6] فإذا كان أبو الحسن سلام الله عليه لزم الصبر بعد بيعة أبي بكر فذلك بوصية الرسول له وفي ذلك من الحكمة ما لا يخفى . خامسا - أضف إلى كل ما سبق أن المسلم إذا ما قرأ القرآن الكريم وتدبر آياته يعرف من خلال قصصه التي تناولت الأمم والشعوب السابقة أنه وقع فيهم أكثر مما وقع فينا ، فها هو قابيل يقتل أخاه هابيل ظلما وعدوانا وها هو نوح جد الأنبياء بعد ألف سنة من الجهاد لم يتبعه من قومه إلا القليل وكانت امرأته وابنه من الكافرين ، وها هو لوط لم يوجد في قريته غير بيت من المؤمنين ، وها هم الفراعنة الذين استكبروا في الأرض واستعبدوا الناس لم يكن فيهم غير مؤمن يكتم إيمانه ،
[1] صحيح مسلم ج 1 ص 61 . [2] صحيح البخاري ج 3 ص 168 . [3] مسند أحمد ج 5 ص 25 ومستدرك الحاكم ج 3 ص 124 . [4] المستدرك للحاكم ج 3 ص 126 . [5] منتخب كنز العمال ج 5 ص 34 . [6] الرياض النضرة في مناقب العشرة للطبري باب فضائل علي بن أبي طالب .