الشاهد الثاني : يتعلق بعقوبة من كتم الشهادة بحادثة الغدير وأصابته دعوة الإمام علي . وذلك عندما قام الإمام علي أيام خلافته ، في يوم مشهود إذ جمع الناس في الرحبة ونادى من فوق المنبر قائلا : " أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم " من كنت مولاه فعلي مولاه " إلا قام فشهد بما سمع ، ولا يقم إلا من رآه بعينيه وسمعه بأذنيه " . فقام ثلاثون صحابيا منهم ستة عشر بدريا ، فشهدوا أنه صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيده ، فقال للناس : " أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : نعم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من ولاه ، وعاد من عاداه . . . " الحديث . ولكن بعض الصحابة ممن حضروا واقعة الغدير أقعدهم الحسد أو البغض للإمام ، فلم يقوموا للشهادة ومن هؤلاء أنس بن مالك ، حيث نزل إليه الإمام علي من المنبر وقال له : ما لك يا أنس لا تقوم مع أصحاب رسول الله فتشهد بما سمعته منه يومئذ كما شهدوا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، كبرت سني ونسيت ، فقال الإمام علي : إن كنت كاذبا فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة ، فما قام حتى أبيض وجهه برصا ، فكان بعد ذلك يبكي ويقول : أصابتني دعوة العبد الصالح لأني كتمت شهادته . وهذه القصة مشهورة ذكرها ابن قتيبة في كتاب المعارف [1] حيث عد أنسا من أصحاب العاهات في باب البرص وكذلك الإمام أحمد بن حنبل في مسنده [2]
[1] كتاب المعارف لابن قتيبة الدينوري ص 251 . [2] مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 1 ص 119 .