نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني جلد : 1 صفحه : 66
من عنده أم من عند الله ؟ فإذا قال : هو من عند الله ، امتثلوا بدون نقاش ، وإذا قال : هو من عندي ، عند ذلك يُناقشونه ويجادلونه وينصحونه ، ويتقبّل نصائحهم وآراءهم ، وقد ينزل القرآن أحياناً موافقاً لآراء بعض الصّحابة ومُخالفاً لرأيه ، كما في قضيّة أسرى بدر ، وقضايا أُخرى مشهورة . وحاولتُ بدوري إقناعهُ ولكن بدون جدوى ; لأنّ علماء أهل السنّة والجماعة مقتنعون بذلك ، وصحاحُهم مشحونةٌ بمثل هذه الرّوايات التي تَخدِش في عصمة الرّسول ، وتجعل منه شخصاً أقلّ مستوى من الرّجل الذكي ، أو القائد العسكري ، أو حتى شيخ الطريقة عند الصوفية . ولست مبالغاً إذا قلت : أقلَّ مستوى حتى من الرجل العادي ، فإذا ما قرأنا بعض الرّوايات في صحاح أهل السنّة والجماعة ، يتبينُ لنا بوضوح إلى أيّ مدى وصل التأثير الأموي في عقول المسلمين من عهدهم ، وبقيتْ آثاره حتى يوم الناس هذا . وإذا ما بحثنا الغرض أو الهدف من ذلك ، فسوف نخرجُ بنتيجة حتمية ومُرّة ، ألا وهي : إنّ أُولئك الّذين حكموا المسلمين في عهد الدولة الأموية ، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان ، لم يعتقدوا يوماً من الأيّام بأنّ محمّداً ابن عبد الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، هو مبعوث برسالة من عند الله أو هو نبىّ الله حقّاً . وأغلب الظن أنّهم كانوا يعتقدون بأنّه كان سَاحِراً ( 1 ) ، وقد تغلّب على
1 - قال الدكتور الرحيلي في كتابه " الانتصار للصحب والآل " ص 175 تعليقاً على كلام المؤلف : " فهذا حكم خطير على المسلمين الذين جاءوا بعد الخلفاء الراشدين واستغرق حكمهم جلّ قرن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي هو خير القرون ، والثلث الأوّل من القرن المفضل الثاني . . واشتهر من أخبارهم في العدل والتقوى والصلاح بين الأُمّة . . خصوصاً ما ثبت من ذلك في حق الصحابي الجليل معاوية ابن أبي سفيان ! ! " . وهذا الكلام لا يتفّوه إلاّ من أُشرب حبّ البيت الأموي ، ورضع من بقاياه من أهل النصب ، فأيّ جلالة لمعاوية ؟ وأيّ عدل قام به ؟ وأيّ تقوى فعلها ؟ فإنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه " ولهذا الحديث عدّة طرق : 1 - رواه جماعة من الثقات عن علي بن زيد بن جد عان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ( تاريخ ابن عساكر 59 / 155 - 156 ) . 2 - روي عن ابن مسعود من أربعة طرق ( ابن حبان في المجروحين 2 / 172 ، وابن عدي في الكامل 2 / 209 ، الذهبي في سير أعلام النبلاء 3 / 149 ) . وهناك طرق أُخرى للحديث وبعضها قوّي صحيح الإسناد . وورد في حقّ معاوية أيضاً عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لعن الله الراكب والقائد والسائق " ولهذا الحديث طرق عديدة وهو صحيح ، وارجع إلى مسند البزار 9 / 286 ، أنساب الأشراف 129 ، المعجم الكبير للطبراني 3 / 71 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 59 / 204 ، وهناك طرق أخرى كثيرة . وورد عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حقّ معاوية قوله : " يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملّتي " قال : وكنت تركت أبي قد وضع له وضوء ، فكنت كحابس البول ، مخافة أن يجي ، قال : فطلع معاوية ! فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " هذا هو " . كتاب البلاذري 2 / 449 ، وقعة صفين لنصر بن مزاحم : 217 . إلى غير ذلك من الروايات الواردة عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حقّ معاوية وبني أُمية ، مضافاً إلى وصفه بالباغي على لسان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حديث " عمّار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار " والحديث أخرجه البخاري 4 : 27 في كتاب الصلح ، والترمذي في المناقب 2773 وقال عنه : " حسن صحيح " . فمعاوية ملعون ، ومستحقّ للقتل ، وهو من البغاة الّذين يدعون إلى النار ، وممّن لم يسلم ويدخل الايمان قلبه . . كلّ هذه الأوصاف قالها النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حقّ معاوية بن أبي سفيان ، فكيف يتجرّأ الدكتور الرحيلي ويقول : انّه صحابي جليل عادل متقي ؟ ! ! أليس هذا ردّاً على الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتحكيم الأهواء الأموية على الأحاديث النبوية ؟ ! وهذا يدلّل على أنّ عصر الطلقاء لم ينته بعد ، وإنّما هناك طلقاء في كل مكان وزمان يتقوّلون على الله ورسوله بما تمليه عليهم الأهواء وأصحاب المطامع .
66
نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني جلد : 1 صفحه : 66