responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 18


المذاهب الإسلامية الأربعة ، فلا ينقصونه ، ولا ينبزون معتنقيه بشيء ، ويتركون للطلبة والمثقفين حرية اختيار المذهب الذي يقتنعون به .
وضمن نفس السياق فإنّ على المسلمين - سنّة وشيعة - القبول بالمذاهب الإسلامية الأُخرى كالأباضية والزيدية . . ورغم أنّ هذا الاتجاه يمثّل حلاّ يوفّر على أُمتنا كثيراً من التنافر والتفرقة ، إلاّ أنّه لا ينهض إلى مستوى المعالجة الحاسمة للمعضل التاريخي الذي تعيشه منذ قرون .
الاتجاه الثاني : هو أن يتوحّد المسلمون كافّة على عقيدة واحدة رسمها كتاب الله ورسوله ، وذلك عن طريق واحد وصراط مستقيم ، وهو اتّباع أئمة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .
ولهذا السبب فالمسلمون كافّة سنّة وشيعة مُتّفقون على أعلميتهم وتقدُمهم في كلّ شيء : من تقوى ، وورع ، وزهد ، وأخلاق ، وعلم ، وعمل ، ويختلف المسلمون في الصحابة ، فليدع المسلمون ما اختلفوا فيه إلى ما اتفقوا عليه ، من باب قول الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " دعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك " ( 1 ) .
فتجتمع بذلك الأُمّة ، وتتوحّد على قاعدة أساسية هي مَدَارُ كلّ شيء أسّسَها صاحب الرسالة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في قوله :
" تركتُ فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا أبداً ، كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي " صحيح مسلم ( 2 ) .


1 - وسائل الشيعة 27 : 173 ح 33526 ، سنن الترمذي 4 : 77 ح 2637 . 2 - حديث الثقلين حديث صحيح ومتواتر ورد في كثير من المصادر ، وبكثير من الطرق ، وبألفاظ مختلفة : كالثقلين والخليفتين ، إلاّ أنّ جميعها تعطي معنىً واحداً ، فقد ورد باللفظ الذي ذكره المؤلّف أو ما يقاربه في : مسند أحمد 3 : 26 ومستدرك الحاكم 3 : 109 وصححه ، وصرح الإمام الذهبي في تلخيص المستدرك بصحته ، والهيثمي في مجمع الزوائد وصرّح بوثاقة رجاله ، والجامع الصغير للسيوطي 1 : 533 ح 2748 وصرّح محقّق الكتاب الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني بصحته ، وكتاب السنّة لابن أبي عاصم 1 : 643 - 646 حيث نقله من حديث رقم 1554 إلى 1563 ، والطحاوي في مشكل الآثار 2 : 307 ، والترمذي في سننه 2 : 308 ، والسنن الكبرى للنسائي 5 : 45 ح 8148 ، والبداية والنهاية لابن كثير 51 : 228 وذكر تصحيح الذهبي له ، وأخرجه الألباني في صحيحته 4 : 355 ح 1761 وحقّق الحديث وأثبت صحته . وورد الحديث في صحيح مسلم 7 : 122 بلفظ : " . . . أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، وأهل بيتي ; أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي . . . " . وقد تمسّك البعض بهذه الصيغة فقال : إنّ الحديث الوارد في صحيح مسلم أُمر فيه بمحبّة أهل البيت فقط ولم يؤمر بالتمسّك بهم ، وإنما أُمرنا بالتمسّك بالقرآن ، ولزوم مراعاة أهل البيت ( عليهم السلام ) لا غير . هذا ما حاول البعض التمسّك به للردّ على المؤلّف وعلى عموم الشيعة الذين يؤمنون بلزوم التمسّك بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وفي الإجابة على ذلك نقول : أولاً : إنّ الحديث - كما أسلفنا - ورد بألفاظ مختلفة وصحّ من طرق متعدّدة جدّاً أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جعلهما ( القرآن والعترة ) خليفتين من بعده ، وجعلهما الهاديين من الضلال والانحراف ، وجعلهما ثقلين ، وأنّهما اللذان يهديان إلى دين الله الحقّ ، وعليه فيكون حديث مسلم بهذا المعنى أيضاً ، وبهذا المحتوى لا غير ، وهذا ما فهمه علماء السنّة : فقد قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم بعد ذكره الحديث : " قال العلماء : سمّيا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما ، وقيل : لثقل العمل بهما " . وقال الحافظ الزرندي المدني : " سمّاهما ثقلين ; لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما والمحافظة على رعايتهما ثقيل " نظم درر السمطين : 231 . وقال ابن الأثير : " . . إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي . سمّاهما ثقلين ; لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل ، ويقال لكلّ شيء خطير نفيس : ثقل ، فسمّاهما ثقلين اعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما " النهاية في غريب الحديث 1 : 211 مادة ( ثقل ) . وقال ابن حجر المكّي في الصواعق : " وقد جاءت الوصية الصريحة بهم في عدّة أحاديث ، منها حديث : إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : الثقلين ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، قال الترمذي : حسن غريب . . ولم يصب ابن الجوزي في إيراده في العلل المتناهية ، كيف ! وفي صحيح مسلم ، وغيره . . . " الصواعق المحرقة : 90 . وقال القرطبي : " قوله : وأنا تارك فيكم ثقلين يعني كتاب الله وأهل بيته ، قال ثعلب : سمّاهما ثقلين لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل ، والعرب تقول لكلّ شيء خطير نفيس : ثقل " المفهم 6 : 303 . فإذاً ، علماء السنّة قبل غيرهم فهموا من حديث مسلم وغيره أنّه آمر بالتمسّك بالكتاب والعترة ; للروايات الأُخرى ، ولأنّه سمّاهما ثقلين ، وليست المسألة مقتصرة على التذكير بأهل البيت فقط . وثانياً : لو سلّمنا أنّ رواية مسلم ذكّرت بأهل البيت ( عليهم السلام ) فقط ولم تأمر بالتمسّك بهم ، ولكن بقية الروايات الواردة في غير صحيح مسلم تصرّح بلزوم التمسّك بأهل البيت وأنّهم عدل القرآن ، وهي صحيحة وثابتة ، فقد صحّحها كثير من أئمة الحديث كأحمد بن حنبل والهيثمي والحاكم والذهبي وابن كثير والترمذي والطحاوي والسيوطي والمناوي والألباني وغيرهم ، وعليه فلا يوجد تضارب بين الرواية الواردة في صحيح مسلم وبين بقية الروايات الصحيحة الآمرة بالتمسّك بأهل البيت ( عليهم السلام ) ; لأنّ رواية مسلم تذكّرنا بأهل البيت ولزوم محبتهم ، والرويات الأُخرى أمرتنا مضافاً على ذلك لزوم اتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) والأخذ عنهم ، وهذا كما لو قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لشخص : أُحبّ علياً ، ثمّ قال له : اتبع علياً ، فهنا أيضاً لا تنافي بين القولين ; لأنّ الأمر الثاني مشتمل على الأمر الأول وزيادة ، فالرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمرنا بحبّ أهل البيت ، وأمرنا باتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وعليه فيكون الأمر الثاني شاملاً للأمر الأوّل وزيادة ، ويجب العمل به عند العلماء ، وهذا يعرفه أصاغر الطلبة فضلاً عن العلماء . وإن احتجّ أحدٌ بأننا نتمسّك برواية مسلم ونطرح بقية الروايات الواردة في غير صحيح مسلم . قلنا : هذا خطأ كبير وطعن في بقية الروايات والمصادر المخرجة لها ، وهذا من الجهل الفظيع ، قال الشيخ الألباني في صحيحته 1 : 851 ح 474 ردّاً على سعيد الأفغاني في تضعيفه لحديث " أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب " قال : " يظنّ الأستاذ الصديق أنّ إهمال أصحاب الصحاح لحديث ما إنّما هو لعلّة فيه ، وهذا خطأ بيّن عند كلّ من قرأ شيئاً من علم المصطلح وتراجم أصحاب الصحاح ، فإنّهم لم يتعمّدوا جمع كلّ ما صحّ عندهم في صحاحهم ، والإمام مسلم منهم قد صرّح بذلك في صحيحه كتاب الصلاة ، وما أكثر الأحاديث التي ينصّ الإمام البخاري على صحتها أو حسنها ممّا يذكره الترمذي عنه في سننه ، وهو لم يخرجها في صحيحه " . فإذاً ، عدم ذكر مسلم للحديث بلفظ التمسّك بهما لا يعني عدم صحته ، كما أوضح الشيخ الألباني ذلك . وثالثاً : هناك قاعدة معروفة في علم الحديث لا تخفى على طالب علم ابتدأ الدراسة في الأزهر أو غيرها ، وهي أنّ زيادة الثقة حجّة ويؤخذ بها ، والرواية التي في مسلم أمرتنا بالتمسّك بالكتاب فقط - على فرض تسليم ذلك - ، وذكرنا بأهل البيت ، ولكن الروايات الأُخرى التي رواها الثقات - وهي كثيرة جدّاً وصحيحة - ذكرت لزوم التمسّك بأهل البيت ( عليهم السلام ) مع الكتاب ، وهذه زيادة من ثقات فيجب الأخذ بها ، وبالتالي ينتج لزوم التمسّك بأهل البيت ( عليهم السلام ) إلى جنب القرآن الكريم . ومن هذا يتضح أنّ ما ذكره صاحب كتاب كشف الجاني في ص 127 ما هو إلاّ ترّهات فكرية مخالفة لأبسط قاعدة حديثية يعرفها صبية الأزهر الشريف فضلا عن علمائه الأجلاء ، وما حاوله في كتابه ناشئٌ من الجهل بما ذكرناه .

18

نام کتاب : فاسألوا أهل الذكر ( مركز الأبحاث ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست