فقال حسين : أنا لله وإنا إليه راجعون ، ورحم الله معاوية وعظم لك الأجر ، أما ما سألتني من البيعة فأن مثلي لا يعطي بيعته سرا ولا أراك . تجتزئ لها مني سرا ودون أن نظرها على رؤوس الناس علانية . قال : أجل . قال : فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحد . فقال له الوليد : فانصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس . فقال له مروان : والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه ، أحبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه . فوثب عند ذلك الحسين فقال : يا ابن الزرقاء ، أنت تقتلني أم هو كذبت والله وأثمت . ثم خرج فمر بأصحابه فخر جوا معه حتى أتى منزله . فقال مروان للوليد : عصيتني ؟ لا والله لا يمكنك من مثلها من نفسه أبدا . فقال الوليد : وبخ غيرك يا مروان ، إنك اخترت لي التي فيها هلاك ديني ، والله ما أحب أن لي ما طبعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وأني قتلت حسينا ، سبحان الله أقتل حسينا أن قال لا أبايع ، والله إني لا أظن امرأ يحاسب بدم حسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة . فقال له مروان : فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت " [1] . خرج الحسين من ليلته ، وسبقه ابن الزبير ، متوجهين إلى مكة . ويبدو أن هذه الآونة القصيرة في هذا اليوم ، كانت حافلة بالمشاورات بين أبي عبد الله الحسين وبين المحيطين به سواء ممن يحبه ويشفق عليه
[1] المصدر نفسه ، أحداث سية ( 60 ) ، 4 / 250 - 252 .