ثم أنتم ، أيها العصابة ، بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس مهابة ، يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يدلكم عنده ، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها ، وتمشون في الطريق بهيئة الملوك وكرامة الأكابر ، أليس كل ذلك إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله ، وإن كنتم عن أكثر حقه تقصرون ، فاستخففتم بحق الأئمة فأما حق الضعفاء فضيعتم وأما حقكم بزعمكم طلبتم ، فلا مالا بذلتموه ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله ، أنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانا من عذابه ، لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها ، ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم في عباده تكرمون وقد ترون عهود الله منقوصة فلا تفزعون وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون . وما أمركم الله به من النهي والتناهي أنتم عنه غافلون وأنتم أعظم الناس مصيبة لما بلغتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسعون ، ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه ، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلا لتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة ، ولو صبرتم على الأذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع ، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم واستسلمتم ، أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات سلطهم على