يعظم شأن قتل عثمان بن عفان ويحرض على الطلب بدمه ، فقال عمرو : ادعوا لي محمدا وعبد الله فدعيا له ، فقال : قد كان ما قد بلغكما من قتل عثمان رضي الله عنه وبيعة الناس لعلي وما يرصد معاوية من محالفة علي ، وقال : ما تريان ؟ أما علي فلا خير عنده وهو رجل يدل بسابقته ، وهو غير مشركي في شئ من أمره ، فقال عبد الله بن عمرو : . . . أرى أن تكف يدك وتجلس في بيتك حتى يجتمع الناس على إمام فتبايعه ، وقال محمد بن عمرو : أنت ناب من أنياب العرب ، فلا أرى أن يجتمع هذا الأمر وليس لك فيه صوت ولا ذكر ، قال عمرو : أما أنت ، يا عبد الله ، فأمرتني بالذي هو خير لي في آخرتي وأسلم في ديني ، وأما أنت ، يا محمد ، فأمرتني بالذي هو أنبه لي في دنياي وشر لي في آخرتي . ثم خرج عمرو بن العاص ، ومعه ابناه ، حتى قدم على معاوية ، فوجد أهل الشام يحضون معاوية على الطلب بدم عثمان . فقال عمرو بن العاص : أنتم على الحق ، اطلبوا بدم الخليفة المظلوم ، ومعاوية لا يلتفت إلى قول عمرو . فقال ابنا عمرو لعمرو : ألا ترى إلى معاوية لا يلتفت إلى قولك ، انصرف إلى غيره ، فدخل عمرو على معاوية فقال : والله لعجب لك إني أرفدك بما أرفدك وأنت معرض عني ، أما والله إن قاتلنا معك نطلب بدم الخليفة ، إن في النفس من ذلك ما فيها حيث نقاتل من تعلم سابقته وفضله وقرابته ، ولكنا إنما أردنا هذه الدنيا ، فصالحه معاوية وعطف عليه " [1] . هذا هو حال الوزير الأول ، فهو نفسه ممن ألبوا على عثمان وهو