أعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هاتين الشفتين يقلهما . ثم انفضح الشيخ يبكي ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك ، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك . قال : فنهض فخرج . فلما خرج سمعت الناس يقولون : والله لقد قال زيد بن أرقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله ، فقلت : ما قال ؟ قالوا : مر بنا وهو يقول : ملك عبد عبدا ، فاتخذهم تلدا . أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة ، فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم فرضيتم بالذل فبعد المن رضي باذل " [1] . أي والله أيها الشيخ ، إنها لشهادة حق ولكن بعد فوات الأوان ، ولكنها تحكي الواقع الذي احتار الناس في تفسيره ، لماذا وكيف صرنا لما نحن عليه الآن عبيد في ديارنا لا نملك من الظالمين دفعا ولا نفعا ، هذا يحكي لنا عن الحرية في أوروبا ! وذلك يحكي ليا عن طبيعة هذا الشعب أو ذاك الذي يحب العبودية ولم يحاول أحد أن يصل إلى الحقيقة . أن ما جري علينا هو استجابة لدعوة دعاها أبو عبد الله على من قتله أو رضي بذلك أو سمع فلم ينكر . فها هو أبو عبد الله الحسين يدعو عليهم وقد أثخنته الجراح " : اللهم امسك عنهم قطر السماء ، وامنعهم بركات الأرض ، اللهم فإن متعتهم إلى حين ففر قهم فرقا واجعلهم
[1] الطبري : تاريخ الأمم والملوك ، ، 4 / 349 أحداث سنة ( 61 ه ) .