أصحابها على نسيان الواقع الفاسد وتعطيهم متعة الغفلة عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كان هذا العابد الزاهد وغيره آمنين وادعين يأكلون ويشربون وليحترق أهل البيت ومن سار على دربهم ، فقد صار الدين " لعق على ألسنة الناس يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون " [1] وظهر غيرهم يطلبون الدنيا بعمل الآخرة ونسي كل هؤلاء أن الدين الحقيقي نص وتطبيق ، قول وعمل ، وإننا لم ولن نجد هذا إلا في مدرسة آل بيت النبوة رجالا ونساءا ، فإذا استشهد الرجال نطق النساء وكانوا أكثر رجولة وثباتا من أشباح الرجال أدعياء الزهادة والورع الذين قال عنهم ربنا : ( فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ) ( الأعراف / 169 ) . 8 - من يقيل عثرة الأمة المنكوبة ؟ وهكذا انقضت هذه الجولة ونال كل طرف ما يستحقه ، نال الحسين وآل بيته الشهادة التي أرادوها واستحقوها ، فيما نال بنو أمية ومن والاهم اللعنة الدائمة ، والخسران المبين . أما هذه الأمة المنكوبة فلا نجد من يصف حالها ومآلها إلا هذه الرواية التي يذكرها الطبري في " تاريخ الأمم والملوك " فيقول ما نصه : " لما وضع رأس الحسين عليه السلام بين يدي ابن زياد أخذ ينكت بين ثنيتيه ساعة ، فلما رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له :
[1] العبارة للإمام الحسين ، أنظر تحف العقول للحراني .