الضلال هم والشيطان سواء يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ، يسوقون الناس من رغباتهم وشهواتهم ومكامن ضعفهم . فلما سار بجيشه لملاقاة الحسين دعاه الحسين لملاقاته وناجاه طويلا وقال له الحسين عليه السلام : " ويل لك يا ابن سعد ، أتقاتلني وأنا ابن من علمت . ذر القوم ، وكن معي فإنه أقرب إلى الله تعالى . فقال ابن سعد : أخاف أن يهدم داري . فقال الحسين عليه السلام : أنا ابنيها لك . فقال : أخاف أن تؤخذ ضيعتي . فقال عليه السلام : أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز . ثم قال : لي عيال وسكت . فانصرف عنه الحسين عليه السلام وهو يقول : ما لك ذبحك الله على فراشك عاجلا ولا غفر لك يوم حشرك ، فوالله إني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق إلا يسيرا . فقال ابن سعد : في الشعير كفاية عن البر " [1] . أي خزي هذا وآي عار تحس به الأرض وهؤلاء الأوغاد يسيرون عليها ، يخرج لقتل ابن بنت رسول الله لأنه يخشى على ضيعته ويخشى أن يضيع ماله ، أما عن دينه فلا يسأل ، ثم يزعم بعض الباحثين إن هذا القاتل المأجور من خير القرون ، وهل رضي عنه ابن زياد وسيده يزيد ؟ ، لا والله ، لقد أحسوا منه شيئا من التردد في الإقدام على قتل الحسين وذهب الوشاة إلى سيده ابن زياد فأرسل إليه : " أما بعد ، فإني لم أبعثك إلى حسين لتكف عنه ولا لتطاول ولا لتمنيه السلامة والبقاء ، ولا لتقعد له عندي شافعا ، أنظر فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إلي سلما ، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم