نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 205
ولو ترك الأمر لكل الناس في حل منازعاتهم فرجوعهم إلى الكتاب والسنة لا يكون غير رافع لنزاعاتهم فحسب ، بل سيؤدي إلى شدة النزاع . وليس التقصير أو القصور في الكتاب والسنة ، وإنما القصور في عقول الناس ، وإدراكاتهم متباينة ومتفاوتة ، والفرق التي نشاهدها - سواء في الماضي أو الحاضر - هي نتيجة لتلك الإدراكات المختلفة . . إذا ، فالنزاع باق . والنزاع والاختلاف - كما نعلم - أمر ممنوع وغير مسموح به ، وإن رفعه وتجنبه أمر واجب بنص القرآن ، ولا يتم هذا إلا بالرجوع إلى أولي الأمر . وهذا مما لا يتم الواجب إلا به ، فهو واجب إذا . وعدم ذكر الرجوع إليهم عند المنازعات في الآية لا يتعارض مع وجوب الرجوع إليهم . ولكن ، ما هو السر في عدم ذكرهم في الآية الآمرة برد المنازعات إلى الله والرسول ؟ إننا نعلم أن موضوع الإمام المعصوم نفسه من المسائل التي حدث فيها النزاع ، كما رأيت في سقيفة بني ساعدة . كما أننا لا نشك في أن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فهو إذا عالم بوقوع النزاع الذي حدث في أمر الإمام في سقيفة بني ساعدة قبل نزول هذه الآية ، ولهذا لا يمكن أن يأمر برد النزاعات إلى الإمام المعصوم ، وهو متنازع فيه مع أنه قد عين وحدد . ونحن نعلم أن النزاع بطبيعة الحال لا ينتج إلا عن العصبية والقبلية ، واتباع الهوى ، أو التأويل الخاطئ للنصوص . ولأن الله تعالى لطيف بعباده يهيئ لهم دائما سبل الثوبة والأوبة ، فأمرهم - رحمة منه وتذكيرا لهم - برد النزاع في الإمام المعصوم مرة أخرى إلى الكتاب وما قاله الرسول في ذلك ، عسى أن يتذكر الناس ، أو يعلم الجاهل ، أو ينتبه الغافل ، أو تلين قناة المعاند اللاج ، أو يطلع المتأول خطأ على الصواب . وما دام الله قد أمر برد النزاعات إلى الكتاب والسنة ، فحل هذه النزاعات لا محالة موجود فيهما . وما دام قد وقع النزاع في الإمام المعصوم فبيانه موجود في الكتاب والسنة ، وإلا يكون رد النزاع إليهما لا معنى له إن كانا لا يتضمنان الحل . ولما كان الكتاب والسنة فيهما الحل لما وقع من نزاع حول الإمام فمن المحال أن لا يكون النبي صلى الله عليه وآله قد
205
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 205