نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 188
الصائب ، لأن ما يفعله وما يقوله نبي الله هو الصواب سواء تحصل عن طريق الوحي أو لما اتصف به الأنبياء من الفطانة ورجاحة العقل . وإنما كانت الاستشارة في الغالب الأعم لتحقيق هدف سياسي وموضع استراتيجي ، وهو نوع من ربط وتقوية الجبهة الداخلية ، وإلا فالأمر ينزل عليه من السماء . وهذا هو ما فهمه سعد بن معاذ وأسيد بن خضير ، فإنهما لما شاهدا إلحاح المسلمين على النبي صلى الله عليه وآله كاره لذلك - ومطالبتهم إياه بالخروج لمقابلة المشركين في خارج المدينة يوم غزوة أحد - والنبي صلى الله عليه وآله كاره لذلك - قالا للناس : " قلتم لرسول الله ( ص ) ما قلتم ، واستكرهتموه على الخروج ، والأمر ينزل عليه من السماء فردوا الأمر إليه . . فما أمركم فافعلوه ، وما رأيتم له فيه هوى أو رأي فأطيعوه " . . وهذا القول عين ما جاءت به الآية ، في قوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ) . يقول صاحب الدر المنثور : " " عندما نزلت ( وشاورهم في الأمر ) قال ( ص ) : إن الله ورسوله لغنيان عنها ، ولكن جعلها الله رحمة لأمتي " ( 1 ) . فالشورى لهم من النبي صلى الله عليه وآله ليست إدخالا لهم في أوامر وأحكام الوحي كما يظن كثير من الناس اليوم ، بل هي لتحقيق وحدتهم وجمعهم على أمر الله تعالى ، لا سيما في الحروب والغزوات ، لما تتضمنه من تكاليف ومشاق ، فإذا شعروا أنهم قد شاركوا في صناعة الموقف العسكري أو الحربي كانوا أميل إلى الاندفاع فيه وتحمل تبعاته . فهاتان الآيتان : ( وشاورهم في الأمر ) ، ( وأمرهم شورى بينهم ) لا يجوز أن تعتبرا دليلا على الأمر بالشورى في اختيار خليفة المسلمين ، وذلك لسببين : أولا : إن مسالة اختيار الخليفة من المسائل التي وقع فيها نزاع ، فلا تصح الشورى فيها لقوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ) . ثانيا : إن مسألة تنصيب الخليفة من المسائل التي نطق فيها الوحي بحكمه وحسم الأمر فيها ، لعدم قدرة الناس على معرفة وتنصيب الخليفة ، كما سيتضح أكثر فيما بعد إن شاء الله . .
1 - الدر المنثور 2 : 90 ، تفسير الفخر الرازي 9 : 66 تفسير القرطبي 4 : 250 .
188
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 188