نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 187
يقول المراغي : " كان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يشاور أصحابه في الكثير من الأمور ، ولم يكن يشاورهم في الأحكام ، لأنها منزلة من عند الله " ( 1 ) . أجل ، فاستشارته لهم ليست فيما أوضحه الوحي ، ولا التي ينتظر أن ينزل فيها أمر من الله تعالى ، بل لم يكن النبي صلى الله عليه وآله ينتظر الارشاد في حيرته إلى آراء الناس وتوجيهاتهم ، إذ الآية قصد منها ملاينة الصحابة والرحمة بهم ، وهي لطف من ضمن ألطافه تعالى بهم ، لكي يحبب لهم الإيمان ويرغبهم في رسول الله ويعمق الدين في قلوبهم ، والسياق الذي وردت فيه الآية إنما يشير إلى ذلك بوضوح . يقول تعالى : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ، فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) ( 2 ) . في هذه الآية يبين الله سبحانه وتعالى خلق نبيه الكريم في التعامل مع أصحابه والذين من حوله ، ويخبر بأن الغلظة والفظاظة - لو كانت - فمن شأنها أن تقطع حبال الوصال بينه وبين الناس ، وتصيبهم بسببها نفرة من الدين . فالآية وضحت كيفية تعامل النبي صلى الله عليه وآله معهم ، وهي تتمثل في : أولا : العفو عنهم ومسامحتهم فيما يصدر عنهم من أخطاء ، والتجاوز عنهم في ذلك . ثانيا : الاستغفار لهم ، أي طلب المغفرة لهم بالدعاء فيما أصابوه من ذنوب حتى تمتلئ قلوبهم محبة له ، ويخلو ما قد يكون من انقباض ، فتنبسط له ارتياحا . ثالثا : وشاورهم في الأمر ، أي أعط لآرائهم أهمية ، وحسسهم بارتباط الأمر بهم ، حتى لا يشعروا منك باستبداد في الأمور ، فقتل أهميتها في نفوسهم . كل ذلك فيما لم ينطق به الوحي ، بل إذا عزمت فتوكل على الله فيما عزمت عليه أنت بنفسك . ومن هنا يتجلى أن الشورى من النبي صلى الله عليه وآله مع أصحابه لم تكن لافتقاره إلى الرأي
1 - تفسير المراغي 25 : 52 - سورة الشورى . 2 - آل عمران : 159 .
187
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 187