نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 124
والبياض كان خائفا من اجتماع أمته على الضلال . والذي يليق بعمر أن يفهم من الحديث ما يتبادر منه [ إلى ] الأذهان ، لا ما تنفيه صحاح السنة ومحكمات القرآن على أن استياء النبي ( ص ) منهم المستفاد من قوله : [ قوموا ] دليل على أن الذي تركوه كان من الواجب عليهم . ولو كانت معارضة عمر عن اشتباه منه في فهم الحديث - كما زعموا - لأزال النبي ( ص ) شبهته ، وأبان لهم مراده منه ، بل لو كان في وسع النبي [ صلى الله عليه وآله ] أن يقنعهم بما أمرهم به لما آثر إخراجهم عنه . وبكاء ابن عباس وجزعه من أكبر الأدلة على ما نقول . والإنصاف أن هذه الرزية لمما يضيق عنها نطاق العذر ، لو كانت - كما ذكرتم - قضية في واقعة ، كفلتة سبقت ، وفرطة ندرت . . لهان الأمر ، وإن كانت بمجردها بائقة الدهر وفاقرة الظهر . . والحق أن المعارضين إنما كانوا ممن يرون جواز الاجتهاد في مقابل النص ، فهم في هذه المعارضة وأمثالها إذا مجتهدون ، فلهم رأيهم ، ولله تعالى رأيه " [1] . فهذه كانت رزية يوم الخميس التي وقف فيها عمر أمام أمر النبي صلى الله عليه وآله أصلب وقفة ، ولم يترك أمر النبي صلى الله عليه وآله ليخرج إلى حيز التنفيذ . ورأيت كيف اعتذر المعتذرون عن ابن الخطاب فيما فعل ، وشاهدت مصارع تلك الاعتذارات الواهية . على أنه هناك ثلاث مسائل تكفي واحدة منها لمنع عمر عن الاعتراض على النبي صلى الله عليه وآله : أولا : علم النبي الكريم ، إذ أنه علم إلهي لا يرقى إليه عمر بأي حال من الأحوال ، لا سيما في مجال الدين وفي طريقة بيانه للناس وتبليغه لهم ، فلا عمر له رشح من علم النبي الكريم ، ولا هو أعرف منه بطريقة تبليغ دين الله حتى يعارض هذه المعارضة ، وكأنه يصر على أن الحق معه والباطل مع رسول الله الكريم ! ثانيا : تلك العصمة التي يتمتع بها النبي صلى الله عليه وآله ، إذ أنها مانعة بلا ريب من أن يقوم النبي صلى الله عليه وآله بعمل يقع به موقع الطعن والرد والاعتراض من جانب عمر ومن لف لفه ، ولا سيما في مجال تبليغ الوحي وهداية الناس . ولذا ما إن نرى أحدا عارض النبي صلى الله عليه وآله في مسألة من المسائل فلا بد أن نحكم .
[1] كتاب النص والاجتهاد ص 159 وما بعدها - رزية يوم الخميس - أعذار المعارضيين وتزييقها - المورد 16 .
124
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 124