نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 121
ذلك . تزييف الاعتذار من نواح أخر وحيث كان لدينا في تزييف تلك الأعذار وجوه أخر أحببت يومئذ عرضها عليه ، وجعلت الحكم فيها موكولا إليه . فقلت : قالوا في الجواب الأول لعله [ صلى الله عليه وآله ] حين أمرهم بإحضار الدواة لم يكن قاصدا لكتابة شئ من الأشياء ، وإنما أراد اختبارهم لا غير . فنقول - مضافا إلى ما أفدتم - : إن هذه الواقعة إنما كانت حال احتضاره - بأبي وأمي - كما هو صريح الحديث ، فالوقت لم يكن وقت اختبار ، وإنما كان وقت إعذار وإنذار ونصح تام للأمة ، والمحتضر بعيد عن الهزل والمفاكهة ، مشغول بنفسه ومهماته ومهمات ذويه ، ولا سيما إذا كان نبيا . وإذا كانت صحته مدة حياته كلها لم تسع اختبارهم ، فكيف يسعها وقت احتضاره ؟ على أن قوله [ صلى الله عليه وآله ] حين أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عنده : " قوموا " ظاهر في استيائه منهم ، ولو كان الممانعون مصيبين لاستحسن ممانعتهم وأظهر الارتياح إليها . ومن ألم بأطراف هذا الحديث - ولا سيما قولهم : " هجر رسول الله " - يقطع بأنهم كانوا عالمين أنه إنما يريد أمرا يكرهونه ، ولذا فاجأوه بتلك الكلمة وأكثروا عنده اللغو واللغط والاختلاف ، كما لا يخفى . وبكاء ابن عباس بعد ذلك لهذه الحادثة ، وعدها رزية دليل على بطلان هذا الجواب . قال المعتذرون : إن عمر كان موفقا للصواب في إدراك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله تعالى . وهذا مما لا يصغى إليه في مقامنا هذا ، لأنه يرمي إلى أن الصواب في هذه الواقعة إنما كان في جانبه ، لا في جانب النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، وأن إلهامه يومئذ كان أصدق من الوحي الذي نطق عنه الصادق الأمين [ صلى الله عليه وآله ] . وقالوا : بأنه أراد التخفيف عنه [ صلى الله عليه وآله ] ، إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب
121
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 121