نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 119
يجب تنزيه الأنبياء عنه ، ولا سيما في موضع يكون ترك إحضار الدواة والبياض أولى من إحضارها . على أن في هذا الجواب نظرا من جهات أخر ، فلا بد هنا من اعتذار آخر . . حاصل ما يمكن أن يقال [ فيه ] : إن الأمر لم يكن أمر عزيمة وإيجاب حتى لا تجوز مراجعته ويصير المراجع عاصيا ، بل كان أمر مشورة ، وكانوا يراجعونه صلى الله عليه وآله في بعض تلك الأوامر لا سيما عمر ، فإنه كان يعلم من نفسه أنه موفق للصواب في إدراك المصالح وكان صاحب إلهام من الله تعالى ، وقد أراد التخفيف عن النبي صلى الله عليه وآله إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب إملاء الكتاب في حال المرض والوجع . وقد رأى رضي الله عنه أن ترك إحضار الدواة أولى . . وربما خشي أن يكتب النبي صلى الله عليه وآله أمورا يعجز الناس عنها فيستحقون العقوبة بسبب ذلك ، لأنها تكون منصوصة لا سبيل إلى الاجتهاد فيها ، ولعله خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة ، فقال " حسبنا كتاب الله " لقوله تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) وقوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) ! وكأنه رضي الله عنه أمن من ضلال الأمة حيث أكمل الله لها الدين وأتم عليها النعمة . هذا جوابهم ، وهو كما ترى ! لأن قوله صلى الله عليه وآله : " لن تضلوا " يفيد أن الأمر أمر عزيمة وإيجاب ، لأن السعي فيما يوجب الأمن من الضلال واجب مع القدرة بلا ارتياب . واستياؤه [ صلى الله عليه وآله ] منهم وقوله لهم : " قوموا ! " حين لم يمتثلوا أمره دليل آخر على أن الأمر إنما كان للإيجاب لا للمشورة . [ فإن قلت : لو ] كان واجبا ما تركه النبي صلى الله عليه وآله بمجرد مخالفتهم ، كما أنه لم يترك التبليغ بسبب مخالفة الكافرين . فالجواب : أن هذا الكلام لو تم فإنما يفيد كون كتابة ذلك الكتاب لم تكن واجبة على النبي [ صلى الله عليه وآله ] بعد معارضتهم له عليه السلام . وهذا لا ينافي وجوب الإتيان بالدواة والبياض عليهم حين أمرهم النبي [ صلى الله عليه وآله ] به وبين لهم أن فائدته الأمن من الضلال ، إذ الأصل في الأمر
119
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 119