responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين    جلد : 1  صفحه : 101


الكريم في أمر ذاك الصلح ، ولكن حتى هذا القول النبوي المحض أيضا لم يكن بشافع للنبي صلى الله عليه وآله عند عمر !
وظل عمر يرد عليه الكلام ردا ، ولم يترك للنبي صلى الله عليه وآله حتى حق الجدل والنقاش بتقسيم فرص الكلام ، حتى اضطر ذلك أبا عبيدة بن الجراح ليتدخل وينتزع من الفاروق فرصة للنبي الأكرم لكي يقول ما يقول ، فخاطب أبو عبيدة عمر صارخا : " ألا تسمع يا ابن الخطاب رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] يقول ما يقول ؟ نعوذ بالله من الشيطان الرجيم " .
فانظر عزيزي القارئ إلى هذا الإلهام الذي يتعارض مع الوحي ! فلو كان عمر صائبا في معارضته للنبي الكريم لأبدى النبي صلى الله عليه وآله لتلك المعارضة ارتياحا وتحسينا ، ولكنه سعى بكل السبل إلى إقناع عمر وإزالة أنفته بلا جدوى . فعمر لم يكن مصيبا ، وليس لأحد أن يتجرأ فيصحح لنا ما صدر منه يوم هذا الصلح . . فالذي يسعى إلى تصحيح معارضة عمر تلك ، عليه - قبل ذلك - أن يتلو آية التسليم لأمر الله ورسوله ، وينظر متدبرا عباراتها . . فهل يجد فيها تأييدا لابن الخطاب من قريب أو بعيد ، حتى يجوز له الوقوف أمام أفعال النبي صلى الله عليه وآله كما فعل يوم صلح الحديبية ؟ !
على أن النبي صلى الله عليه وآله بين لنا بوضوح حقيقة معارضة ابن الخطاب ، فقال له بذلك الخلق القرآني العظيم : " يا عمر ! إني رضيت وتأبى ؟ ! " . . ولعمر الله ، لو كان أحد يقف أمام رؤساء هذا اليوم الموقف الذي وقفه عمر أمام الصلح الذي قبله النبي صلى الله عليه وآله ، لكان نصيبه سنوات في ظلمات السجون أو قرارا يطوي حبال المشانق حول عنقه . . ولكنه النبي لا كذب ، فلعمر أن يقول ما يقول ، ولن يجد إلا صفحا جميلا . . . عليك وعلى آلك صلوات الله وسلامه يا نبي الله .
" يا عمر ! إني رضيت ، وتأبى ؟ ! " . . نعم يا نبي الله لقد أبى عمر ما رضيت به ، فيا لها من عبارات تذيب الصخور تسليما وخضوعا وطاعة لأشرف المخلوقات . . ولكن لم يسمع قلب عمر هذه العبارات التي تعج بالمعاني والانتقاد واللوم ، ولم يرم النبي صلى الله عليه وآله منها إلا بيان مقامه النبوي المعصوم الذي نسيه أبو حفص ، في لحظة من لحظات الأنفة . ولو كان عمر قادرا على أن يعي تلك العبارة لكان قد وعى التي قبلها : " إني رسول الله ، ولست

101

نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين    جلد : 1  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست