لمحة وجيزة عن حياتي لا زلت أذكر كيف أخذني والدي معه إلى مسجد الحي الذي تقام فيه صلاة التراويح في شهر رمضان ، وكان عمري عشر سنوات ، وقدمني إلى المصلين الذين لم يخفوا إعجابهم بي . كنت أعلم منذ أيام إن المؤدب [1] رتب الأمور لكي أشفع [2] بالجماعة ليلتين أو ثلاثا ، وجرت العادة أن أصلي خلف الجماعة مع مجموعة من أطفال الحي وأنتظر وصول الإمام إلى النصف التالي من القرآن الكريم أي إلى سورة مريم ، وبما أن والدي حرص على تعليمنا القرآن في الكتاب [3] وفي البيت خلال حصص ليلية يقوم بها إمام الجامع وهو من أقاربنا مكفوف البصر يحفظ القرآن الكريم ، وبما أني حفظت النصف في تلك السن المبكرة أراد المؤدب أن يظهر فضله واجتهاده من خلالي فعلمني مواقع الركوع من التلاوة وراجعني عدة مرات ليتأكد من فهمي . . . بعد نجاحي في الامتحان وإنهاء الصلاة والتلاوة بالجماعة على أحسن ما كان يتوقع والدي والمؤدب ، انهال علي الجميع مقبلين ومعجبين
[1] المؤدب : هو معلم القرآن . [2] أشفع : أصلي التراويح ، سميت صلاة التراويح للاستراحة بين كل ركعتين ، وسميت أيضا صلاة الاشفاع لأنها تشفع يوم القيامة لمن يقيمها ، كما يروي أهل السنة . [3] الكتاب : هي المدرسة القرآنية التي بتعلم فيها الأطفال حفظ القرآن الكريم .