ونفهم أيضا من كل ذلك أن الشيعة التفوا حول الإمام علي وهو باب مدينة العلم والذي كان يقول لهم : سلوني عن كل شئ فقد علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لكل باب ألف باب [1] . بينما التف غير الشيعة حول معاوية بن أبي سفيان الذي لم يكن يعرف من سنة النبي إلا قليلا ، وأصبح إمام الفئة الباغية أميرا للمؤمنين ، بعد وفاة الإمام علي فعمل في دين الله برأيه أكثر من الذين سبقوه ، وأهل السنة والجماعة يقولون إنه كاتب الوحي وإنه من العلماء المجتهدين ، كيف يحكمون باجتهاده وقد دس السم للحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة فقتله ؟ ولعلهم يقولون : هذا أيضا من اجتهاده فقد اجتهد وأخطأ ! . كيف يحكمون باجتهاده وقد أخذ البيعة من الأمة بالقوة والقهر لنفسه ثم لابنه يزيد من بعده وحول نظام الشورى إلى الملكية القيصرية . كيف يحكمون باجتهاده ويعطونه أجرا وقد حمل الناس على لعن علي وأهل البيت ذرية المصطفى من فوق المنابر وأصحبت سنة متبعة طوال ستين عاما . بل كيف يسمونه ( كاتب الوحي ) . . وقد نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله طيلة ثلاثة وعشرين عاما ، كان معاوية مدة أحد عشر عاما منها مشركا بالله . . ولما أسلم بعد الفتح لم نعثر على رواية تقول أنه سكن المدينة في حين أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يسكن مكة بعد الفتح . . فكيف تسنى لمعاوية كتابة الوحي يا ترى ؟ ! . فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ! والسؤال يعود دائما : أي الفريقين على الحق وأيهما على الباطل ، فإما أن يكون علي وشيعته ظالمين وعلى غير الحق ، وإما أن يكون معاوية وأتباعه ظالمين وعلى غير الحق وقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وآله كل شئ غير أن بعض مدعي أتباع السنة
[1] تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 484 ترجمة الإمام علي بن أبي طالب . مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 38 . الغدير للأميني ج 3 ص - 120 .