الرسول التي يقولون بها فهي المروية عن طريق هؤلاء . على أننا نروي في صحاحنا أن الرسول منعهم من كتابة سننه لئلا تختلط بالقرآن ، وكذلك فعل أبو بكر وعمر إبان خلافتيهما ، فلا يبقى بعد هذا حجة في قولنا ( تركت فيكم سنتي ) [1] . والذي ذكرته في هذا البحث من الأمثلة - وما لم أذكره هو أضعاف ذلك - كاف لرد هذا الحديث لأن من سنة أبي بكر وعمر وعثمان ما يناقض سنة النبي ويبطلها ، كما لا يخفى . وإذا كانت أول حادثة وقعت بعد وفاة رسول الله مباشرة وسجلها أهل السنة والجماعة والمؤرخون : هي مخاصمة فاطمة الزهراء لأبي بكر الذي احتج بحديث ( نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) . هذا الحديث الذي كذبته فاطمة الزهراء وأبطلته بكتاب الله ، واحتجت على أبي بكر بأن أباها رسول الله صلى الله عليه وآله لا يمكنه أن يناقض كتاب الله الذي أنزل عليه إذ يقول سبحانه وتعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) [2] . وهي عامة تشمل الأنبياء وغير الأنبياء ، واحتجت عليه بقوله تعالى : ( وورث سليمان داوود ) [3] وكلاهما نبي . وقوله عز من قائل : ( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ) [4] . والحادثة الثانية التي وقعت لأبي بكر في أيام خلافته وسجلها المؤرخون
[1] ورد بلفظ ( كتاب الله وعترتي ) مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله . أما لفظ سنتي فلم يرد في أي من الصحاح الست ، وقد أخرج الحديث بهذا اللفظ مالك بن أنس في موطئه ونقله مرسلا غير مسند ، وأخذ عنه بعد ذلك البعض كالطبري وابن هشام ونقلوه مرسلا كما ورد عن مالك . [2] سورة النساء : آية 11 . [3] سورة النمل : آية 16 . [4] سورة مريم : آية 5 . 6 .