الحال سوف يردون علي بالحديث المروي عندهم وهو ( تركت فيكم كتاب الله وسنتي ) [1] . وهذا الحديث إن صح وهو صحيح في معناه ، لأن معنى العترة بقوله صلى الله عليه وآله في حديث الثقلين المتقدم هو الرجوع إلى أهل بيتي ليعلموكم - أولا - سنتي ، أو لينقلوا إليكم الأحاديث الصحيحة لأنهم منزهون عن الكذب وإن الله سبحانه عصمهم بآية التطهير . وثانيا : لكي يفسروا لكم معانيها ومقاصدها ، لأن كتاب الله وحده لا يكفي للهداية فكم من فرقة تحتج بكتاب الله وهي في الضلالة كما ورد ذلك عن رسول الله عندما قال : ( كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ) . فكتاب الله صامت ، وحمال أوجه ، وفيه المحكم والمتشابه ولا بد لفهمه من الرجوع إلى الراسخين في العلم حسب التعبير القرآني وإلى أهل البيت حسب التفسير النبوي . فالشيعة يرجعون كل شئ إلى الأئمة المعصومين من أهل البيت النبوي ولا يجتهدون إلا في ما لا نص فيه . ونحن نرجع في كل شئ إلى الصحابة سواء في تفسير القرآن أو في إثبات السنة وتفسيرها ، وقد علمنا أحوال الصحابة وما فعلوه وما استنبطوه واجتهدوا فيه بآرائهم مقابل النصوص الصريحة وهي تعد بالمئات فلا يمكن الركون إلى مثلهم بعد ما حصل منهم ما حصل . وإذا سألنا علماءنا ، أي سنة تتبعون ؟ لأجابوا قطعا : سنة رسول الله صلى الله عليه وآله . والواقع التاريخي لا ينسجم مع ذلك ; فقد رووا أن الرسول نفسه قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ) إذا فالسنة التي يتبعونها هي في أغلب الأحيان سنة الخلفاء الراشدين وحتى سنة
[1] أخرج مسلم في صحيحه والنسائي والترمذي وابن ماجة وأبي داوود في سننهم الحديث المذكور .