الأولى لرسول الله كانت بلا شك استخلاف علي بن أبي طالب فلم يذكرها الراوي . مع أنّ الباحث في هذه المسألة يجد رائحة الوصية لعلي تفوح رغم كتمانها وعدم ذكرها ، فقد أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الوصايا ، كما أخرج مسلم أيضاً في صحيحه في كتاب الوصية أنّه ذكر عند عائشة أنّ النبي أوصى إلى علي [1] . أنظر كيف يظهر الله نوره ولو ستره الظالمون . أعود فأقول : إذا كان هؤلاء الصحابة غير ثقات في نقل وصايا رسول الله ، فلا لوم بعد ذلك على التابعين وتابعي التابعين . وإذا كانت عائشة أم المؤمنين لا تطيق ذكر اسم علي ( عليه السلام ) ، ولا تطيب لها نفساً بخير - كما ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته والبخاري في صحيحه ( باب مرض النبي ووفاته ) [2] ، وإذا كانت تسجد لله شكراً عندما سمعت بموته ، فكيف يرجى منها ذكر الوصية لعلي ، وهي من عرفت لدى الخاص والعام بعدائها وبغضها لعلي وأولاده ولأهل بيت المصطفى . فلا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم .
[1] صحيح البخاري 3 : 186 ، كتاب الوصايا ، باب 1 ، صحيح مسلم 5 : 75 ، كتاب الوصيّة ، باب ترك الوصية ، مسند أحمد 6 : 32 . [2] الطبقات الكبرى 2 : 232 في ذكر مرض النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " قالت عائشة : . . . فخرج بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين ابن عبّاس - تعني الفضل - ورجل آخر ، قال عبيد الله : فأخبرت ابن عباس بما قالت ، قال : فهل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسمّ عائشة ؟ قال : قلت : لا ، قال ابن عبّاس : هو عليّ ، إن عائشة لا تطيب له نفساً بخير . . . " ، وفي مسند أحمد 6 : 228 ، وارواء الغليل 1 : 178 بتحقيق الشيخ الألباني وقال عنه : " وسنده صحيح " . وفي صحيح البخاري 7 : 18 كتاب الطب ، لكن بترها ولم يورد : " انّ عائشة لا تطيب له نفساً بخير " ، وكذلك مسلم في صحيحه 2 : 22 ، كتاب الأذان ، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر .