وأزال ابن حجر بهذا القول بعض الإشكال الذي علق بذهني إذ تصوّرت أن يحيى بن يعلى المحاربي هو واضعُ الحديث وهو ليس بثقة ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يوقفني على الحقيقة بكاملها . وقرأت يوما كتاب " مناقشات عقائدية في مقالات إبراهيم الجبهان " [1] ، وأوقفني هذا الكتاب على جليّة الحال ، إذ تبيّن أن يحيى بن يعلى المحاربي هو من الثقات الذين اعتمدهم الشيخان مسلم والبخاري . وتتبّعت بنفسي فوجدت البخاري يخرج له أحاديث في باب غزوة الحديبية من جزئه الثالث في صفحة عدد 31 ، كما أخرج له مسلم في صحيحه في باب الحدود من جزئه الخامس في صفحة عدد 119 ، والذهبي نفسه - على تشدّده - أرسل توثيقة إرسال المسلمات ، وقد عدّه أئمة الجرح والتعديل من الثقات واحتج به الشيخان . فلماذا هذا الدسّ والتزوير ، وتقليب الحقائق ، والطعن في رجل ثقة احتج به أهل الصحاح ؟ ألأنه ذكر الحقيقة الناصعة في وجوب الاقتداء بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، فكان جزاؤه من ابن حجر التوهين والتضعيف ، وقد فات ابن حجر أنّ من ورائه علماء جهابذة يحاسبونه على كلّ صغيرة وكبيرة ، ويكشفون تعصّبه وجهله ; لأنّهم يستضيئون بنور النبوة ، ويهتدون بهدي أهل البيت ( عليهم السلام ) . وعرفت بعد ذلك أن بعض علمائنا يحاولون جهدهم تغطية الحقيقة ; لئلا ينكشف أمر الصحابة والخلفاء الذين كانوا أمراءهم وقدوتهم ، فتجدهم مرة يتأوّلون الأحاديث الصحيحة الثابتة ويحمّلونها غير معانيها ، ومرة يكذّبون الأحاديث التي تناقض مذهبهم وإن وردت في صحاحهم وأسانيدهم ، ومرة يحذفون من الحديث نصفه أو ثلثيه ليبدلوه بكذا وكذا ! ! ومرة يشككون في
[1] مناقشات عقائدية في مقالات إبراهيم الجبهان : 28 .