قال لهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) " [1] . وبعد ما قرأ الشيخ العالم والحاضرون معه الأحاديث تغيّرت وجوههم ، وبدأ ينظر بعضهم إلى البعض ، ينتظرون ردّ العالم الذي صدم ، فما كان منه إلاّ أن رفع حاجبيه علامة التعجب وقال : " . . وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً " [2] . فقلت : إذا كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هو أوّل من شك في أبي بكر ، ولم يشهد عليه ، لأنّه لا يدري ماذا سوف يحدث من بعده ، وإذا كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم يقرّ بتفضيل عمر بن الخطّاب على أسماء بنت عميس بل فضّلها عليه ، فمن حقّي أن أشك وأن لا أفضّل أحداً حتّى أتبيّن وأعرف الحقيقة . ومن المعلوم أن هذين الحديثين يناقضان كلّ الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها ، لأنّهما أقرب إلى الواقع المعقول من أحاديث الفضائل المزعومة . قال الحاضرون : وكيف ذلك ؟ قلت : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم يشهد على أبي بكر وقال له : " إنّني لا أدري ما تحدثون بعدي " [3] ! فهذا معقول جداً ، وقد قرّر ذلك القرآن الكريم ، والتاريخ يشهد أنّهم بدّلوا بعده ، ولذلك بكى أبو بكر ، وقد بدّل وأغضب فاطمة الزهراء بنت الرسول - كما سبق - ، وقد بدّل حتّى ندم قبل وفاته وتمنّى أن لا يكون بشراً .
[1] صحيح البخاري 3 : 387 ، كتاب المغازي ، باب غزوة خيبر ، صحيح مسلم 7 : 172 كتاب الفضائل ، باب من فضائل جعفر ، مسند أبي يعلى الموصلي 13 : 30 ، المصنف بن أبي شيبة 7 : 515 ، السنن الكبرى للنسائي 5 : 104 ، المعجم الأوسط 6 : 231 ، الطبقات الكبرى 8 : 281 ، سير أعلام النبلاء 2 : 283 ، تاريخ الإسلام 2 : 431 ، الوافي بالوفيات 9 : 34 ، البداية والنهاية 4 : 233 . [2] سورة طه : 114 . [3] موطأ مالك 2 : 462 ، المصنف للصنعاني 3 : 541 ، الاستذكار 5 : 104 الاكمال في أسماء الرجال : 19 .