بداية التحول بقيت متحيّراً ثلاثة أشهر مضطرباً حتّى في نومي ، تتجاذبني الأفكار وتموج بي الظنون والأوهام ، خائفاً على نفسي من بعض الصحابة الذين أحقق في تاريخهم ، فأقف على بعض المفارقات المذهلة في سلوكهم ، لأنّ التربية التي تلقيتها طيلة حياتي تدعوني إلى احترام وتقديس أولياء الله والصالحين من عباده الذين ( يؤذون ) من يتكلم في حقهم سوءً ، أو يسئ إليهم الأدب حتّى في غيابهم وإن كانوا موتى . ولقد قرأت في ما سبق في كتاب حياة الحيوان الكبرى للدّميري [1] : إنّ رجلا كان يشتم عمر بن الخطاب ، وكان أصحابه في القافلة ينهونه ، فلمّا ذهب يتبوّل لدغه أسود سالخ فمات لحينه ، وحفروا له لدفنه ، فوجدوا في القبر أسود سالخ ، ثمّ حفروا قبوراً أخرى وفي كلّ مرّة يجدون أسود سالخ ، فقال لهم أحد العارفين : ادفنوه أنّى شئتم ، فلو حفرتم الأرض كلها لوجدتم أسود سالخ ، ذلك ليعذبه الله في الدنيا قبل الآخرة على شتمه سيدنا عمر . ولذلك وجدتني وأنا أقحم نفسي في هذا البحث العسير خائفاً محتاراً ، وخصوصاً لأنني تعلّمت في الفرع الزيتوني بأنّ أفضل الخلفاء على التحقيق سيدنا أبو بكر الصّديق ، ثُمّ يأتي بعده سيدنا عمر بن الخطاب الفاروق الذي يفرق الله به بين الحقّ والباطل ، ثُمّ بعده سيدنا عثمان بن عفان ذو النورين الذي استحت منه ملائكة الرحمن ، ثُمّ بعده سيدنا علي باب مدينة العلم . ثمّ يأتي بعد هؤلاء الأربعة الستة الباقون من العشرة المبشرين بالجنة وهم : طلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد ، وعبد الرحمن ، وأبو عبيدة ، ثمّ يأتي بعد هؤلاء الصحابة جميعاً .
[1] كتاب حياة الحيوان الكبرى للدميري . هذه القصة توجد في حديثه عن الأسود السالخ ( المؤلف ) .