البصرة ، ووالله إنّها لزوجة نبيّكم في الدنيا والآخرة ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إيّاه تطيعون أم هي " [1] . كما أخرج البخاري - أيضا - في كتاب الشروط باب ما جاء في بيوت أزواج النبي ، قال : قام النبي ( صلى الله عليه وآله ) خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة ، فقال : " ههنا الفتنة ، ههنا الفتنة ، ههنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان " [2] . كما أخرج البخاري في صحيحه عنها أشياء عجيبة وغريبة في سوء أدبها مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتّى ضربها أبوها فأسال دمها ، وفي تظاهرها على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتّى هدّدها الله بالطلاق ، وأن يبدله ربّه خيراً منها ، وهذه قصص أخرى يطول شرحها . وبعد كلّ هذا أتسأل : كيف استحقت عائشة كلّ هذا التقدير والاحترام من أهل السنة والجماعة ، ألأنّها زوج النبي ؟ ! فزوجاته كثيرات ، وفيهن من هي أفضل من عائشة بتصريح النبي نفسه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) [3] .
[1] صحيح البخاري 8 : 97 ، كتاب الفتن ، ونحوه تاريخ دمشق لابن عساكر 43 : 458 ، كنز العمال 13 : 694 ح 37777 ، البداية والنهاية 8 : 101 . [2] صحيح البخاري 4 : 46 ، كتاب فرض الخمس ، وفي صحيح مسلم 8 : 181 ، كتاب الفتن باب 16 ، وكذلك مسند أحمد 2 : 23 ، واللفظ لمسلم : " خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من بيت عائشة فقال : رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان ، يعني المشرق " ، وفي رواية أُخرى عن صحيح مسلم 8 : 181 ، كتاب الفتن : " إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قام عند باب حفصة فقال بيده نحو المشرق : الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان " . فما ورد في الرواية الأولى : " يعني المشرق " والثانية : " فقال بيده نحو المشرق " إنّما هو من استنباط الراوي وليس من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لأنّه ( صلى الله عليه وآله ) أشار إلى مسكن عائشة أو حفصة وقال : إنّ الفتنة من هاهنا ، فنحن نأخذ الرواية وندع دراية الراوي للحديث . ثُمّ هناك روايات أُخرى لم يرد فيها اسم عن عائشة أو حفصة ، بل فيها مجرّد الإشارة إلى الشرق ، فهذه الروايات المطلقة تحمل على تلك الروايات المقيّدة ، ولو راموا ابقاءها على اطلاقها فإنّها ستشمل عائشة أيضاً باطلاقها ، لأنها أوّل من أشعل الفتنة من المشرق ، فشملها الحديث . [3] راجع فتح الباري لابن حجر 7 : 116 كتاب مناقب الأنصار باب 20 فيه ذكر أقوال العلماء في تفضيل خديجة على عائشة وسائر أمهات المؤمنين وقال : " زعم ابن العربي أنّه لا خلاف في أن خديجة أفضل من عائشة " . ولابن حجر إشارة لطيفة عند شرحه لحديث تبشير النبي ( صلى الله عليه وآله ) خديجة ببيت في الجنّة ، قال 7 : 173 : " وفي ذكر البيت معنى آخر ، لأنّ مرجع أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) إليها ، لما ثبت في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) قالت أم سلمة : لمّا نزلت دعا النبي ( صلى الله عليه وآله ) فاطمة وعليّاً والحسن والحسين فجلّلهم بكساء فقال : " اللّهم هؤلاء أهل بيتي " ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة ، لأنّ الحسنين من فاطمة وفاطمة بنتها ، وعليّ نشأ في بيت خديجة وهو صغير ، ثمّ تزوج بنتها بعدها ، فظهر رجوع أهل البيت النبوي إلى خديجة دون غيرها " .