أشار على رسول الله بتطليقها في حادثة الإفك . ويريد هؤلاء إقناعنا بأنّ هذه الحادثة - إن صحّت - ، وهي إشارة علي على النبي بتطليقها كافية بأن تعصي أمر ربّها ، وتهتك ستراً ضربه عليها رسول الله ، وتركب جملا نهاها رسول الله أن تركبه ، وحذّرها أن تنبحها كلاب الحوأب [1] ، وتقطع المسافات البعيدة من المدينة إلى مكة ومنها إلى البصرة ،
[1] في الاستيعاب لابن عبد البر 4 : 1885 قال : " . . . قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أيتكن صاحبة الجمل الأدئب ، يقتل حولها قتلى كثير وتنجو بعدما كادت " وهذا الحديث من أعلام نبوته ، وعصام بن قدامة ثقة ، وسائر الاسناد أشهر من أن يحتاج لذكره " وقال ابن حجر في الفتح 13 : 55 : " . . فلما قتل عثمان ، وكان يعلى قدم حاجاً فأعان طلحة والزبير بأربعمائة الف ، وحمل سبعين رجلاً من قريش ، واشترى لعائشة جملاً يقال له عسكر بثمانين ديناراً ، ومن طريق عاصم بن كليب عن أبيه قال : قال علي : أتدرون بمن بليت أطوع الناس في الناس عائشة ، وأشدّ الناس الزبير ، وأدهى الناس طلحة ، وأيسر الناس يعلى بن أمية . . ومن طريق قيس بن أبي حازم قال : لما أقبلت عائشة فنزلت بعض مياه بني عامر نبحت عليها كلاب . فقالت : أيّ ماءً هذا ؟ قالوا : الحوأب . بفتح الحاء المهملة وسكون الواو بعدها همزة ثُمّ موحده . قالت : ما أظنني إلاّ راجعة ! فقال لها بعض من كان معها : بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ! فقالت : إنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لها ذات يوم : " كيف بأحداكنّ تنبح عليها كلاب الحوأب " ، وأخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزار ، وصححه ابن حبّان والحاكم ، وسنده على شرط الصحيح . . ومن طريق عصام بن قدامه عن عكرمة عن ابن عبّاس أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لنسائه : " أيتكنّ صاحبة الجمل الأدبب . . تخرج حتّى تنبحها كلاب الحوأب ، يقتل عن يمينها وعن شمالها قتلى كثير وتنجو بعدما كادت " . وهذا رواه البزار ورجاله ثقات . وأخرج البزار من طريق زيد بن وهب قال : بينا نحن حول حذيفة إذ قال : كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيكم فرقتين يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف ؟ قلنا : يا أبا عبد الله فكيف نصنع إذا أدركنا ذلك ؟ قال : انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمرّ علي بن أبي طالب فإنّها على الهدى . وأخرج الطبراني من طريق محمّد بن قيس قال : ذكر لعائشة يوم الجمل ، قالت : الناس يقولون يوم الجمل ؟ قالوا : نعم . قالت : وددت إنّي جلست كما جلس غيري فكان أحب إلي من أن أكون ولدت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عشرة ، كُلّهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام . . وأخرج إسحاق بن راهويه من طريق سالم المرادي ، سمعت الحسن يقول : لما قدم علي البصرة في أمر طلحة وأصحابه ، قام قيس بن عباد وعبد الله بن الكواء فقالا له : أخبرنا عن مسيرك هذا ؟ فذكر حديثاً طويلاً في مبايعته أبا بكر ثُمّ عمر ثُمّ عثمان ثمّ ذكر طلحة والزبير فقال : بايعاني بالمدينة وخالفاني بالبصرة ، ولو أنّ رجلاً ممّن بايع أبا بكر خالفه لقاتلناه وكذلك عمر . وأخرج أحمد والبزار بسند حسن من حديث أبي رافع أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي بن أبي طالب : " إنّه سيكون بينك وبين عائشة أمرٌ . قال : فأنا أشقاهم يا رسول الله ! قال : لا ، ولكن إذا كان ذلك فأرددها إلى مأمنها . وأخرج أبو بكر بن أبي شبة من طريق عمر بن الهيخع . . عن أبي بكرة وقيل له : ما منعك أن تقاتل مع أهل البصرة يوم الجمل ؟ فقال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " يخرج قوم هلكى لا يفلحون قائدهم امرأة في الجنّة " ، فكأن أبا بكرة أشار إلى هذا الحديث فامتنع من القتال معهم ، ثُمّ استصوب رأيه في ذلك الترك لما رأى غلبة علي . وقد أخرج الترمذي والنسائي الحديث المذكور من طريق حميد الطويل عن الحسن البصري عن أبي بكرة بلفظ عصمني الله بشئ سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فذكر الحديث ، قال : فلما قدمت عائشة ذكرت ذلك فعصمني الله . وأخرج عمر بن شبة من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن أنّ عائشة أرسلت إلى أبي بكرة فقال : إنّكِ لام ، وإنّ حقك لعظيم ، ولكن سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " لن يفلح قوم تملكهم امرأة " . وفي مستدرك الحاكم 3 : 332 بسنده عن أم سلمة قالت : " ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خروج بعض أُمهات المؤمنين ، فضحكت عائشة فقال : " انظري يا حميراء أن لا تكون أنت " ، ثمّ التفت إلى علي فقال : " إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها " وصححه . وفي مستدرك الحاكم 4 : 471 في كتاب الفتن : " . . عن خثيمة بن عبد الرحمن قال : كنّا عند حذيفة ( رضي الله عنه ) فقال بعضنا حدثنا يا أبا عبد الله ما سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ! قال : لو فعلت لرجمتموني ! قلنا : سبحان الله نحن نفعل ذلك ؟ ! قال : أرايتكم لو حدثتكم أنّ بعض أمهاتكم تأتيكم في كتيبة كثير عددها ، شديد بأسها صدقتم به ؟ ! قالوا : سبحان الله ومن يصدق بهذا ؟ ! ثمّ قال حذيفة : " أتتكم الحميراء في كتيبة يسوقها أعلاجها حيث تسوء وجوهكم " ثمّ قال فدخل مخدعاً " . قال الحاكم : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك . ولأجل مخالفتها لأوامر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والتسبب في ازهاق أرواح آلاف المسلمين ; طلبت منهم أن تدفن في البقيع ، بعدما كانت تريد الدفن في بيتها ، فعن قيس قال : " قالت عائشة ، وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها ، فقالت : إنّي أحدثت بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حدثاً ، ادفنوني مع أزواجه ، فدفنت بالبقيع رضي الله عنها " ، المستدرك على الصحيحين 4 : 7 وقال : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ، وسير أعلام النبلاء للذهبي 2 : 3 .