وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [1] ، ويقول أيضاً : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلا مِّنْ غَفُور رَّحِيم ) [2] صدق الله العلي العظيم . فكيف يتمنّى الشيخان أبو بكر وعمر أن لا يكونا من البشر الذي كرّمه الله على سائر مخلوقاته ؟ ! وإذا كان المؤمن العادي الذي يستقيم في حياته تتنزّل عليه الملائكة وتبشّره بمقامه في الجنّة ، فلا يخاف من عذاب الله ولا يحزن على ما خلَّف وراءه في الدنيا ، وله البشرى في الحياة الدنيا قبل أن يصل إلى الآخرة ، فما بال عظماء الصحابة الذين هم خير الخلق بعد رسول الله - كما تعلّمنا ذلك - يتمنّون أن يكونوا عذرة ، وبعرة ، وشعرة ، وتبنة ؟ ! ولو أنّ الملائكة بشّرتهم بالجنّة ما كانوا ليتمنوا أن لهم مثل طلاع الأرض ذهباً ليفتدوا به من عذاب الله قبل لقاه . قال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْس ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) [3] . وقال - أيضاً - : ( وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ * وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ) [4] .
[1] سورة يونس : 62 - 64 . [2] سورة فصّلت : 30 - 32 . [3] سورة يونس : 54 . [4] سورة الزمر : 47 - 48 .