وسوف لن أكلّف نفسي جهداً كبيراً كما فعلت ذلك خلال السنوات الثلاث للبحث ، بل سأكتفي بذكر بعض الآيات كأمثلة ، كما جرت العادة وذلك للاختصار ، وعلى الذين يريدون التوسّع أن يتكبّدوا عناء البحث والتنقيب والمقارنة كما فعلت ، لتكون هدايتهم بعرق الجبين وعصارة الفكر ، كما يطلبه الله من كُلّ واحد ، وما يتطلّبه الوجدان لقناعة راسخة لا تزحزحها الرّياح والعواصف ، ومن المعلوم بالضرورة أنّ الهداية التي تكون عن قناعة نفسية أفضل بكثير من التي تكون بمؤثرات خارجية ، قال تعالى يمدح نبيّه : ( وَوَجَدَكَ ضَإلاًّ فَهَدَى ) [1] ، أي : وجدك تبحث عن الحقّ فهداك إليه ، وقال - أيضاً - : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) [2] . 1 - آية الانقلاب : قال تعالى في كتابه العزيز : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) [3] صدق الله العظيم . فهذه الآية الكريمة صريحة وجليّة في أنّ الصحابة سينقلبون على أعقابهم بعد وفاة الرسول مباشرة ، ولا يثبت منهم إلاّ القليل ، كما دلّت على ذلك الآية في تعبير الله عنهم أيّ : عن الثابتين الذين لا ينقلبون بالشاكرين ، فالشّاكرون لا يكونون إلاّ قلة قليلة ، كما دلّ على ذلك قوله سبحانه وتعالى : ( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) [4] ، وكما دلّت عليه - أيضاً - الأحاديث النبويّة الشريفة التي فسّرت هذا الانقلاب ، والتي سوف نذكر البعض منها .
[1] سورة الضحى : 7 . [2] سورة العنكبوت : 69 . [3] سورة آل عمران : 144 . [4] سورة سبأ : 13 .