معركة أحد ، وكذلك هرب يوم حنين ، وبعثه رسول الله لفتح مدينة خيبر فرجع مهزوماً ، وحتّى السّرايا التي شارك فيها كان تابعاً غير متبوع ، وآخرها سرية أُسامة التي كان فيها مأموراً تحت قيادة الشاب أُسامة بن زيد ، فأين دعوى البطولات والشجاعة من هذه الحقائق يا أولي العقول ؟ ونسمع عن تقوى عمر بن الخطاب ومخافته وبكائه من خشية الله الشئ الكثير ، حتّى قيل : إنّه كان يخاف أن يحاسبه الله لو عثرت بغلة في العراق لأنّه لم يعبّد لها الطريق ، ولكنّ التاريخ الثابت الصحيح يحدّثنا بأنّه كان فظّاً غليظاً لا يتورّع ولا يخاف ، فيضرب من يسأله عن آية من كتاب الله حتّى يدميه بدون ذنب اقترفه ، بل وتسقط المرأة حملها لمجرّد رؤيته هيبة ومخافة منه ، ولماذا لم يتورّع مخافة من الله عندما سلّ سيفه ، وهدّد كلّ من يقول بأن محمّداً قد مات ، وأقسم بالله أنّه لم يمت ، وإنّما ذهب يناجي ربّه كما فعل موسى بن عمران ، وتوعّد من يقول بموته بقتله [1] . ولماذا لم يتورّع ولم يخش الله سبحانه في تهديد حرق بيت فاطمة الزهراء بالنار إن لم يخرج المتخلّفون فيه للبيعة [2] ، وقيل له : إنّ فيها فاطمة ،
[1] صحيح البخاري 4 : 194 ، كتاب المناقب ، باب مناقب المهاجرين ، السنن الكبرى للبيهقي 8 : 142 ، المصنف لابن أبي شيبة 8 : 568 ، صحيح ابن حبّان 14 : 588 ، الدرر لابن عبد البر : 272 ، الطبقات الكبرى 2 : 266 ، تاريخ الطبري 2 : 442 ، أحداث سنة 11 ه ، الكامل في التاريخ 2 : 323 ، تاريخ الاسلام 3 : 5 . [2] تاريخ الطبري 3 : 199 ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1 : 30 ، المصنف لابن أبي شيبة 8 : 572 وسنده حسن وقال الباحث السلفي حسن فرحان المالكي في كتابه ( قراءة في كتب العقائد المذهب الحنبلي نموذجاً ) ص 52 : " كنت أظنّ المداهمة مكذوبة لا تصح حتّى وجدت لها أسانيد قوية ، منها ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف " . وقال ابن عبد ربه القرطبي في العقد الفريد 2 : 25 : " الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر : علي والعبّاس والزبير وسعد بن عبادة ، فأما علي والعبّاس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة ، وقال له : إن أبو فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة ، فقالت : يا بن الخطاب أجئتنا لتحرق دارنا ؟ قال : نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأُمة " وقال أبو الفداء : " ثمّ إنّ أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى علي ومن معه ليخرجَه من بيت فاطمة - رضي الله عنها - ، وقال : إنّ أبو عليك فقاتلهم ، فاقبل عمر بشئ من نار على أن يضرم الدار ، فلقيته فاطمة - رضي الله عنها - وقالت : إلى أين يا بن الخطاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم ، أو يدخلوا فيما دخل فيه الأُمة . فخرج علي حتّى أتى أبا بكر فبايعه . . " المختصر في أخبار البشر 1 : 156 . وقال ابن تيمية في منهاج السنة 8 : 291 : " كبس البيت لينظر هل فيه شئ من مال الله الذي يقسمه ، وأن يعطيه لمستحقه ، ثُمّ رأى أنّه لو تركه لهم لجاز . . . " . وابن تيمية اعترف بالهجوم على الدار لكنه جاء بشئ عجيب ، بعيد كُلّ البعد عن الحقيقة ، لأنّ النبيّ الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) لم يكن يضع أموال بيت المال في بيت علي ( عليه السلام ) ، بل كان له مكانه الخاص المعدّ لوضعه ، فلا ندري من أين جاء بهذا الكلام ! ! وقال المتقي الهندي : " عن أسلم أنّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان علي والزبير يدخلون على فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويشاورونها ويرجعون في أمرهم ، فلمّا بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله ما من الخلق أحدٌ أحبّ إليّ من أبيك ، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ما ذاك بما نعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك إن أمرتهم أن يحرق عليهم الباب " كنز العمال 5 : 449 ، وغير ذلك من المصادر الكثيرة .