فالله وحده ورسوله يعلم ما هي الأعمال التي عملها عمر ، ولا أدري سبب تخلّف البقية الباقية من الحاضرين بعد ذلك إذ قال لهم رسول الله : قوموا فانحروا ثمّ أحلقوا ، فلم يستمع إلى أمره أحد منهم ، حتّى كرّرها عليهم ثلاث مرّات بدون جدوى . سبحان الله ! أنا لا أكاد أصدّق ما أقرأ ، وهل يصل الأمر بالصحابة لهذه الحدّ في التعامل مع أمر الرسول ، ولو كانت هذه القصة مروية من طريق الشيعة وحدهم لعددتُ ما قالوا افتراء على الصحابة الكرام ، ولكن القصة بلغت من الصحة والشهرة أن تناقلها كُلّ المحدّثين من أهل السنّة والجماعة أيضاً ، وبما أنّني ألزمت نفسي توثيق ما اتّفقوا عليه ، فلا أراني إلاّ مسلّماً ومتحيّراً : ماذا عساني أن أقول ؟ وبماذا أعتذر عن هؤلاء الصحابة الذين قضوا مع رسول الله قرابة عشرين عاماً من البعثة إلى يوم الحديبية ، وهم يشاهدون المعجزات وأنوار النبوّة ؟ والقرآن يعلّمهم ليلا ونهاراً كيف يتأدّبون مع حضرة الرسول وكيف يكلّموه ، حتّى هدّدهم الله بإحباط أعمالهم إنّ رفعوا أصواتهم فوق صوته .