قال : بلى ، ثمّ سأله عمر نفس الأسئلة التي سألها رسول الله ، وأجابه أبو بكر بنفس الأجوبة قائلا له : أيّها الرجل ، إنّه لرسول الله وليس يعصي ربّه ، وهو ناصره فاستمسك بغرزه [1] . ولمّا فرغ رسول الله من كتاب الصلح قال لأصحابه : قوموا فانحروا ثمّ أحلقوا ، فوالله ما قام منهم رجل حتّى قال ذلك ثلاث مرات ، فلمّا لم يمتثل لأمره منهم أحد ; فدخل خباءه ثمّ خرج فلم يكلّم أحداً منهم بشيء حتّى نحر بُدنةً بيده ، ودعا حالقه فحلق رأسه ، فلمّا رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً ، حتّى كاد بعضهم يقتل بعضاً [2] . هذه مجمل قصة الصلح في الحديبية ، وهي من الأحداث المتفق عليها عند الشيعة والسنّة ، وقد ذكرها المؤرخون وأصحاب السير كالطبري ، وابن الأثير ، وابن سعد وغيرهم كالبخاري ومسلم .
[1] لا أدري لماذا هذه المراجعة الثانية لأبي بكر ، ألا يطمئنّ قلب عمر بن الخطاب بكلام النبي ( صلى الله عليه وآله ) ؟ وهل يثق بكلام أبي بكر ويطمئنّ له أكثر من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ! ولا أدري لماذا يغضب عمر من كلام النبي ولا يغضب من أبي بكر لما أجابه نفس الجواب ، ذكر البخاري في كتاب التفسير في سورة الفتح : " فقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا بن الخطاب إنّي رسول الله ولن يضيّعني الله أبداً ، فرجع متغيّظاً فلم يصبر حتّى جاء أبا بكر فقال : يا أبا بكر ، ألسنا على الحقّ . . ؟ قال : يا بن الخطاب ، انّه رسول الله ولن يضيّعه الله أبداً " ، وفي السيرة الحلبية 3 : 28 " ولقي عمر من ذلك الشروط . . . أمراً عظيماً ، وجعل يردّ على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الكلام . . . " . [2] وردت هذه القصة بأسانيد وألفاظ مختلفة راجع : صحيح البخاري 2 : 974 كتاب الشروط ، باب شروط الجهاد ، وأيضاً كتاب التفسير في تفسير سورة الفتح ، مسند أحمد 3 : 486 ، 4 : 331 ، المصنف للصنعاني 5 : 339 ، صحيح ابن حبان 11 : 224 ، تفسير الطبري 13 : 117 ، تفسير ابن كثير 4 : 213 ، البداية والنهاية 4 : 200 ، السنن الكبرى للبيهقي 9 : 220 ، المعجم الكبير للطبراني 20 : 14 ، الدر المنثور للسيوطي 6 : 77 ، نيل الأوطار للشوكاني 8 : 187 ، السيرة الحلبية 3 : 28 .