responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ثم اهتديت ( محققة ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 342


ولم أتمالك عند سماع هذا أن سقطّت على الأرض باكياً ، وكأنّي أمثّل دور الحر وأطلب من الحسين : هل من توبة يا بن رسول الله ، سامحني يا بن رسول الله ؟ !
وكان صوت الخطيب مؤثراً ، وارتفعت أصوات الناس بالبكاء والنّحيب ، عند ذلك سمع صديقي صياحي ، وانكبّ علي معانقاً باكياً ، وضمّني إلى صدره كما تضمّ الأُم ولدها وهو يردّد يا حسين ، يا حسين .
كانت دقائق ولحظات عرفت فيها البكاء الحقيقي ، وأحسست وكأنّ دموعي غسلت قلبي ، وكُلّ جسدي من الداخل ، وفهمت وقتها حديث الرسول : " لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً " [1] .
بقيت كامل اليوم مقبوض النفس ، وقد حاول صديقي تسليتي وتعزيتي ، وقدّم إليّ بعض المرطّبات ، ولكن شهيتي انقطعت تماماً ، وبقيت أسأله أن يعيد عليّ قصّة مقتل سيدنا الحسين ، لأنّي ما كنت أعرف منها قليلا أو كثيراً ، غاية ما هناك أنّ شيوخنا إذا حدّثونا عن ذلك يقولون : إنّ المنافقين أعداء الإسلام الذين قتلوا سيدنا عمر ، وسيدنا عثمان ، وسيدنا علي ، هم الذين قتلوا سيدنا الحسين ! ! [2] ولا نعرف غير هذا الاقتضاب ، بل إنّنا نحتفل بيوم عاشوراء على أنّه



[1] مسند أحمد 5 : 173 ، تفسير ابن كثير 4 : 474 ، تفسير السلمي 2 : 196 ، البداية والنهاية لابن كثير 1 : 44 ، تاج العروس 13 : 92 مادة ( خلق ) .
[2] من قاصمات الظهر ، ونوائب الدهر ، ورزايا العصر المخزية أنّ يساوى بين قاتل علي ( عليه السلام ) وهو عبد الرحمن بن ملجم الخارجي الملعون ، قال عنه الذهبي في لسان الميزان 2 : 592 : " ذاك المعثر الخارجي ليس بأهل أنّ يروى عنه ، وما أظن له رواية ، ختمّ بشر ، فقتل أمير المؤمنين عليّاً متقرّباً إلى الله بدمه بزعمه " ، وقال ابن حجر في الإصابة 5 : 85 : " من كبار الخوارج ، وهو أشقى هذه الأمة بالنصّ الثابت عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بقتل علي بن أبي طالب . . " ، وبين قاتل الحسين ( عليه السلام ) وهو عمر بن سعد ، ريحانة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، قال العجلي في ترجمته 2 : 166 : " مدني ثقة ، كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه ، وهو قاتل الحسين . . " ، وقال الذهبي في الكاشف 2 : 61 " حط عليه ابن معين لقتاله الحسين " ، كيف يساوى بين هؤلاء وبين الصحابة الأخيار الذين ثاروا ضد بني أمية وبني معيط ، لسحقهم التعاليم النبوية ، والأخذ بالجاهلية ، والتنصل عن المفاهيم القرآنية ، فثارت ثورتهم المباركة ، التي هي أوّل ثورة إسلامية داخل المحيط الاسلامي ، لتكشف ذلك الزيغ ، وتقيم الاعوجاج وترجع الحق إلى أهله ، لكن عثمان بن عفان وقف في وجههم ورفض ذلك ، وأخذ يدافع عن بني قومه دفاعاً أبعد ما يكون عن روح الاسلام ، بل وعن السنة البكرية والعمرية ، فإمتشقته سيوف الصحابة الكرام من أمثال : عبد الرحمن بن عديس البلوي الصحابي الذي بايع بيعة الرضوان قال ابن حجر في الإصابة 4 : 281 : " صحب النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، وسمع منه ، وشهد فتح مصر ، وكان فيمن سار إلى عثمان " ، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب 2 : 840 : " عبد الرحمن بن عديس البلوي : مصري شهد الحديبية . . كان ممّن بايع تحت الشجرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال أبو عمر : هو كان الأمير على جيش القادمين من مصر إلى المدينة الذين حصروا عثمان وقتلوه " وبين عمرو بن الحمق الخزاعي ذلك الصحابي الجليل قاتل عثمان قال ابن عبد البر في الاستيعاب 3 : 1173 : " هاجر إلى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بعد الحديبية . . صحب النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، وحفظ عنه أحاديث ، وسكن الشام ثُمّ انتقل إلى الكوفة فسكنها . . وكان ممّن سار إلى عثمان ، وهو أحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار . . ثُمّ صار من شيعة علي - رضي الله عنه - ، وشهد معه مشاهده كُلّها : الجمل والنهروان وصفين . . " . وقال الذهبي في تاريخ الاسلام 3 : 456 : " ووثب عليه عمرو بن الحمق ، وبه رمق ، وطعنه تسع طعنات وقال : ثلاث لله ، وست لمّا في نفسي عليه " ، وهو في الطبقات 3 : 74 ، والبداية والنهاية 7 : 207 . وبين كنانة بن بشر الصحابي قال عنه ابن حجر في الإصابة 5 : 486 : " شهد فتح مصر ، وقتل بفلسطين سنة ست وثلاثين ، وكان ممّن قتل عثمان ، وإنّما ذكرته لأنّ الذهبي ذكر عبد الرحمن بن ملجم لأنّ له إدراكاً ، وينبغي أنّ ينزه عنهما كتاب الصحابة " . وقال العيني في عمدة القاري 5 : 231 : " وقال ابن الجوزي : وقد صلّى كنانة ابن بشر أحد رؤوس الخوارج بالناس أيضاً . . " . وبين جهجاه بن قيس الغفاري الرضواني قال ابن الأثير في أسد الغابة 1 : 309 : " شهد مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بيعة الرضوان وشهد غزوة المريسع ، وهو الذي تناول العصا من يد عثمان . . وهو يخطب فكسرها ، فأخذته الآكلة في ركبته . . " . وقال ابن شبة في تاريخ المدينة 3 : 1112 ، والبلاذري في أنساب الأشراف 6 : 161 : " أنّ جهجاه الغفاري دخل على عثمان فأخذ منه عصا النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) التي كان يتخصر بها ، فكسرها على ركبته ، فأخذته الأكلة في ركبته ، وكان جهجاه ممّن بايع تحت الشجرة - رضي اللّه تعالى عنه - " . وبين زيد بن صوحان العبدي الصحابي الجليل الذي قال في حقّه النبيّ الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) : " يسبقه بعض جسده إلى الجنّة ، ثُمّ يتبعه سائر جسده إلى الجنّة " الاستيعاب 2 : 556 ، تعجيل المنفعة : 143 . وقال في الاستيعاب 2 : 555 : " وكان فاضلاً ديناً سيداً في قومه هو وأخوته " . قال الطبري في تاريخه 3 : 386 وهو يتكلم عن الرايات الخارجة على عثمان : " وعلى الرقاق زيد بن صوحان العبدي " . وغير هؤلاء الكثير من فضلاء الصحابة والتابعين كمالك الأشتر وصعصعة بن صوحان وغيرهم ممّن انتفضوا لأجل الحق وثاروا ضد الباطل ، لإقامة نصاب الأمور على مكانتها الأولى على عهد وسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والتي انتهت بقتل عثمان ودفنه في مقابر اليهود بعد منعهم من غسله ودفنه لمدّة ثلاث أيّام ومن ثُمّ منع من دفنه في البقيع . فلا مقايسة أصلاً بين قتلة علي ( عليه السلام ) من الخوارج المارقين وقتله الحسين ( عليه السلام ) من الأدعياء وأبناء الطلقاء المستهترين وبين قتلة عثمان من الصحابة الأجلاء المحترمين الذين صرّح النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بأنّ بعضهم في الجنّة .

342

نام کتاب : ثم اهتديت ( محققة ) نویسنده : الدكتور محمد التيجاني    جلد : 1  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست