معترفاً ، إذ إنّ ذلك المجدّ والعز والعلم الذي ركبني في مصر تبخّر هنا وذاب ، خصوصاً بعد لقاء هؤلاء الصبيان ، وعرفت الحكمة القائلة : فقل لمن يدّعي في العلم فلسفةً * عَرفِتَ شَيئاً وغابت عنك أشياء وتصوّرت أنّ عقول هؤلاء الصبيان أكبر من عقول أُولئك المشايخ الذين قابلتهم في الأزهر ، وأكبر من عقول علمائنا الذين عرفتهم في تونس . ودخل السيّد الخوئي ومعه كوكبة من العلماء عليهم هيبة ووقار ، وقام الصبيان وقمت معهم ، وتقدّموا من ( السيّد ) يقبّلون يده ، وبقيت مسمّراً في مكاني ، لم يجلس ( السيّد ) حتّى جلس الجميع وبدأ يحيّيهم بقوله : ( مسّاكم الله بالخير ) يقولها لكُلّ واحد منهم ، فيجيبه بالمثل ، حتّى وصل دوري فأجبت كما سمعت ، بعدها أشار عليّ صديقي الذي تكلم مع ( السيّد ) همساً بأنّ أدنو من ( السيّد ) وأجلسني على يمينه ، وبعد التحية قال لي صديقي : أحك للسيّد ماذا تسمعون عن الشيعة في تونس . فقلت : يا أخي ، كفانا من الحكايات التي نسمعها من هنا وهناك ، والمهم هو أن أعرف بنفسي ماذا يقول الشيعة ، وعندي بعض الأسئلة أُريد الجواب عنها بصراحة . فألحّ عليّ صديقي وأصرّ على أن أروي ( للسيّد ) ما هو اعتقادنا في الشيعة . قلت : الشيعة عندنا هم أشّد على الإسلام من اليهود والنصارى ، لأنّ هؤلاء يعبدون الله ويؤمنون برسالة موسى ( عليه السلام ) ، بينما نسمع عن الشيعة أنّهم يعبدون علّياً ويقدّسونه ، ومنهم فرقة يعبدون الله ولكنهم ينزلون علّياً بمنزلة رسول الله ، ورويت قصّة جبريل كيف أنّه خان الأمانة حسب ما يقولون ، وبدلا من أداء الرسالة إلى عليّ أدّاها إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله ) .