وأذكر على سبيل المثال أنّ الأستاذ المختص في تدريسنا مادة البلاغة كان يدرّسنا الخطبة الشقشقية من كتاب نهج البلاغة للإمام عليّ ، واحترت كما احتار عدد من التلاميذ عند قراءتها ، وتجرأت وسألته : إن كان هذا من كلام الإمام علي حقّاً ؟ ! فأجاب : قطعاً ومن لمثل هذه البلاغة سواه ؟ ! ولو لم يكن كلامه كرّم الله وجهه لم يكن علماء المسلمين أمثال الشيخ محمّد عبده مفتي الديار المصرية ليهتّم بشرحه . عند ذلك قلت : إنّ الإمام علي يتّهم أبا بكر وعمر بأنّهم اغتصبوا حقّه في الخلافة . فثارت ثائرة الأستاذ وانتهرني بشدّة ، وهدّدني بالطرد إن عدت لمثل هذا السؤال ، وأضاف قائلا : نحن ندرّس بلاغة ولا ندرّس التاريخ ، وما يهمنا شيء من أمر التاريخ الذي سوّدت صفحاته الفتن والحروب الدّامية بين المسلمين ، وكما طهّر الله سيوفنا من دمائهم فلنطهّر ألسنتنا من شتمهم . ولم أقنع بهذا التعليل ، وبقيت ناقماً على ذلك الأستاذ الذي يدرسنا بلاغة