نام کتاب : تاريخ السنة النبوية ، ثلاثون عاما بعد النبي ( ص ) نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 27
لنظم الحياة وفق المنهج الديني ، ومن طبيعة التاريخ أنه لا يعنى كثيرا بالأمر المألوف والمعتاد وما يجري وفق السير الطبيعي للحياة . وفي الجانب السلبي من هذا القسم تقدمت أيضا شواهد مهمة ، كان أبرزها قرار أبي بكر بمنع الفتيا بالسنة والاكتفاء بالقرآن ، وقرار عمر بمنع رواية السنة وحبس الرواة لها . من هنا رأينا أن الحديث في هذا القسم قد استوفي ضمنا في المبحث الأول ، لنبسط القول بالقدر المناسب في القسم الثاني . القسم الثاني : الاجتهاد في قبال النص . وهذا أول أنواع الرأي الباطل ، كما أحصاها ابن القيم [1] ، وقال : وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام فساده وبطلانه ، ولا تحل الفتيا به ولا القضاء وإن وقع فيه من وقع بنوع تأويل وتقليد . غير أن هذا النوع من الرأي قد ظهر في هذا العهد أيضا ، ظهر تحت عنوان النظر إلى المصلحة كما يقدرها صاحب الرأي ! أي أن المجتهد هنا يرى أن المصلحة - مصلحة الدولة والأمة - هي الأصل ، وأن نصوص الكتاب والسنة ما جاءت إلا لرعاية مصالح العباد ، فعندما يرى أن النص القرآني أو الحديثي يضر بالمصلحة ، وأن المصلحة بتعطيله واستبداله بما يوافقها ، عندئذ يفتي بما يراه بديلا عن النص ! والمشكلة هنا تقع مرة في تشخيص المصلحة ، ومرة في تقدير مدى موافقة أو مناقضة الحكم لها .