والمقتنعين بصوابها ، ثم إنه ليس موضع شك فهو مهاجر ، وهو صهر الرسول ، ومن المؤكد ان عثمان رضى اللّه عنه شريكهما بهذا النهى ، فهو من رجال عمر ، ومن المقتنعين بنظرياته ، وهو أموي ونوه الهاشميون بأقاربه شيوخ الوادي ، وهو يعتقد ان التحالف قد ينجح ، ومن الممكن ان يحصل على نصيبه وافرا ، ومن جهة ثانيه ، فليس هو بمتهم فهو مهاجر وصهر الرسول أيضا ! !
دليلنا على أن هذا النهى صدر عن الثلاثة وان الإشاعة قد انطلقت منهم لما آلت الخلافة إلى أبى بكر الصديق كان أول مشروع فعله هو جمعه للأحاديث النبوية التي كتبها هو شخصيا وقيامه بإحراقها ، كما روت السيدة عائشة ابنته وأم المؤمنين .
وكان مشروعه الثاني ان جمع الناس وقال لهم :
( انكم تحدثون عن رسول اللّه أحاديثا تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول اللّه شيئا ، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب اللّه ) ( 569 ) .
فهذا الموقف المعلن من أبى بكر ، وقناعته بان التحديث عن رسول اللّه يورث الخلاف ، وقيامه باحراق الأحاديث التي جمعها شخصيا يدل على حساسيته المفرطة من أحاديث رسول اللّه ، وانه أحد الذين نهوا ابن عمرو عن كتابه أحاديث الرسول ، تحت شعار انه يتكلم في الغضب والرضى ، ثم من هي قريش ان لم يكن أبو بكر وهو أحد شيوخها منها ! !
وعندما آلت الخلافة ، إلى عمر بن الخطاب بعد موت أبى بكر ، كان أول مشاريعه ان طلب من الناس وناشدهم ليأتوه بأحاديث رسول اللّه التي كتبوها ، وظن الناس ان عمر يريد ان يجمع أحاديث رسول اللّه فاتوه بها ، فلما اتوه بأحاديث رسول اللّه المكتوبة امر بحرقها جميعا ، وحرقت بالفعل ( 570 ) .

569 - تذكره الحفاظ للذهبي 1 / 302 . 570 - الطبقات لابن سعد 5 / 140 .

255