أقول وبالله التوفيق : أنا المدعو الهاشمي بن علي التونسي ، نشأت وترعرعت في مدينتي قابس مدينة البحر والواحة وعشت سني طفولتي وشبابي في أحضان عائلة محافظة متوسطة الحال . وكنت منذ سني طفولتي متعلقا بالدين ، حيث ما زلت أذكر تلك الأيام الجميلة التي كنت أرافق فيها والدي لصلاة الجمعة في الجامع الكبير بالحي القديم من مدينتي ، وقد رزقني الله سبحانه حافظة عجيبة فكنت أرجع إلى البيت وأحكي لأهلي ما قاله الإمام في خطبة الجمعة وما جاء فيها من وعد ووعيد . وكانت لا تفوتني من الصلوات الخمس إلا صلاة الصبح ، حيث كان يتعذر علي حضورها لأن أهلي ما كانوا ليسمحوا لطفل صغير بالذهاب في ذلك الوقت المبكر لأداء الصلاة ، وكانت تقام في ذلك المسجد دروس في تاريخ الأنبياء وتاريخ الصحابة وسيرة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فما كان يفوتني منها حرف واحد . وكنت أحفظ قصائد في مدح خير البرية ، حيث كنت أواظب على الحضور في المناسبات الإسلامية وخاصة في المولد النبوي الشريف ، وكان مما يرغبني في حضور تلك المناسبات ما يقدم فيها من الحلويات والمشروبات وما كان فيها من الزينة والجمال . وقلما مرت فرصة يزورنا فيها أو أزور فيها بعض الأهل والأصدقاء إلا وطفقت أحدثهم عما امتلأت به ذاكرتي ، فتارة أحدثهم عن النبي يوسف ( عليه السلام ) ، وأخرى عن تقوى الصحابة وإيثارهم ، وثالثة عن القيامة ، ورابعة عن الجحيم وأهوالها ، وأخرى عن الجنة ونعيمها ، وكان البعض