مقدمة المؤلف : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه المتقين . أما بعد ، إن الاختلاف ليس شيئا بدعا وكما أنه ليس رحمة ، وقلما وجدت جماعة أو فرقة أو شعب أو حضارة لم يدب إليها الاختلاف فيقطع أوصالها ويفرق جمعها ، بل لا نعلم جماعة اتسقت أمورها وانتظمت وحدتها واستمر حالها على ذلك ، وقد ورد في أحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة من آله النهي عن الاختلاف والفرقة [1] ، إذ ما اختلفت جماعة إلا وكان بعضها متبعا للهوى ، فالهوى هو السبب الرئيسي إن لم نقل الوحيد للاختلاف ، وهكذا كان شأن هذه الأمة الإسلامية التي تعبد ربا واحدا وتؤمن بكتاب واحد وبنبي واحد ، حيث دب الاختلاف فيها فتقطعت طرائق قددا وأحزابا شتى وتقطعت تلكم الأحزاب إلى أخرى وهكذا حتى اختلط الحابل بالنابل وكل يدعي أنه على الصراط السوي ، والأتعس من ذلك من يدعي أن غيره على باطل محض . ولسنا الآن بصدد البحث في هذه الاختلافات وأسبابها ومن يقف وراءها
[1] أنظر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في نهج البلاغة حيث يقول : " الخلاف يهدم الرأي " ص 646 ، الكلمات القصار .