ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " من قال لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما " [1] . وإليك مثالا آخر : " عن جابر ( رضي الله عنه ) قال : غزونا مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا ، وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا ، وقال الأنصاري : يا للأنصار ، وقال المهاجري : يا للمهاجرين ، فخرج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ما بال دعوى أهل الجاهلية ، ثم قال : ما شأنهم ؟ فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري ، قال فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : دعوها فإنها خبيثة . وقال عبد الله بن أبي بن سلول : قد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فقال عمر : ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث لعبد الله ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه " [2] . فهاهم المهاجرون والأنصار يختلفون ويكادون يتقاتلون ، حتى وصل الأمر أن يستغل هذه الفرصة رأس المنافقين فيقول ما قال . ولنتصور مدى تألم قلب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يرى أصحابه يرفعون شعارات قبلية ، أليست هذه إذاية للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ! ثم تأمل قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث قال : " لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه " ، فنفهم منه أن المنافقين بعكس ما يقول علماء أهل السنة كانوا
[1] موطأ الإمام مالك : 652 ، حديث رقم 1844 . [2] صحيح البخاري 4 : 223 ، وكذلك في مسند أحمد 3 : 338 .