يتكلم في الغضب والرضى ؟ قال عبد الله : فأمسكت عن الكتابة ، فذكرت ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فأومأ إلى فيه وقال : « أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ الحقّ » ( 1 ) . ونُلاحظ من خلال هذا الحديث بأنّ عبد الله بن عمرو كان يكتب كلّ ما يسمعه من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فلم ينهه النبيّ عن ذلك وإنّما وقع النهي من قريش ، ولم يرد عبد الله التصريح بأسماء الذين نهوه عن الكتابة ; لأنّ في نهيهم طعن على رسول الله ، كما لا يخفى ، فأبهم القول بأنّهم قريش ، والمقصود بقريش زعماؤها من المهاجرين ، وعلى رأسهم أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الرحمان بن عوف ، وأبو عبيدة ، وطلحة ، والزبير ، ومن سار على رأيهم . كما نلاحظ بأنّ نهيهم لعبد الله كان في حياة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهذا ما يؤكد عمق المؤامرة وخطورتها . وإلاّ لماذا يعمد هؤلاء لنهي عبد الله عن الكتابة بدون الرجوع إلى النبيّ نفسه ؟ كما يفهم أيضاً من قولهم له : إنّ رسول الله بشر يتكلّم في الغضب والرضى ، أنّ عقيدتهم في النبيّ كانت هزيلة إلى درجة أنّهم يشكّون فيه بأنّه يقول باطلا ويحكم ظلماً خصوصاً في حالة الغضب ، وما قول
1 - مستدرك الحاكم 1 : 104 صحّحه ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك ، سنن أبي داود 2 : 176 ، سنن الدارمي 1 : 125 ، مسند الإمام أحمد بن حنبل 2 : 162 وصحّحه محقّق الكتاب العلاّمة أحمد محمّد شاكر ، المصنّف لابن أبي شيبة 6 : 229 ، تفسير ابن كثير 4 : 264 ، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البرّ 1 : 71 .