ولكنّ الذي يهمنا في هذا البحث هو أنّ الصحابة كانوا يكتبون أحاديث النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقول أبي هريرة بأنّ عبد الله بن عمرو كان يكتب أحاديث النبيّ ، وقول علي بن أبي طالب : « ما كتبنا عن رسول الله إلاّ القرآن وما في هذه الصحيفة » كما جاء في صحيح البخاري ، هو دليل قاطع على أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم ينه عن كتابة أحاديثه أبداً ، بل العكس هو الصحيح ، وأنّ الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه « لا تكتبوا عنّي ومن كتب عنّي غير القرآن فليمحه » هو حديث مكذوب ، وضعه أنصار الخلفاء لتأييد وتبرير ما فعله أبو بكر وعمر وعثمان من حرق الأحاديث النبويّة ومنع السنّة من الانتشار . وممّا يزيدنا يقيناً بأنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم ينه عن كتابة الأحاديث عنه بل إنّه أمر بها ، هو ما قاله الإمام علي ( عليه السلام ) أقرب الناس للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « ما كتبنا عنه غير القرآن ، وما في هذه الصحيفة » والذي صحّحه البخاري . وإذا أضفنا إلى هذا قول الإمام جعفر الصادق بأنّ الصحيفة الجامعة هي من إملاء رسول الله وخطّ علي ، فمعناه أنّ النبيّ أمر علياً بالكتابة . وحتى لا يبقى عندك شكّ أيّها القارئ العزيز ، أزيدك ما يلي : أخرج الحاكم في مستدركه ، وأبو داود في صحيحه ، والإمام أحمد في مسنده ، والدارمي في سننه ، أخرجوا كلّهم حديثاً مهماً جداً بخصوص عبد الله بن عمرو الذي ذكره أبو هريرة بأنّه كان يكتب عن النبيّ : قال عبد الله بن عمرو : كنت أكتب كلّ شيء أسمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فنهتني قريش وقالوا : تكتب كلّ شيء سمعته من رسول الله ، وهو بشر