فصل الخطاب في تقييم الأصحاب لا شكّ أنّ الصحابة بشر غير معصومين عن الخطأ ، وهم كسائر الناس العاديين يجب عليهم ما يجب على كلّ الناس ، ويحقّ لهم ما يحقّ لكلّ الناس ، وإنّما لهم فضل الصحبة للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا احترموها ورعوها حقّ رعايتها ، وإلاّ فإنّ العذاب يكون مضاعفاً ; لأنّ عدل الله سبحانه اقتضى أن لا يعذّب البعيد القاصي كالقريب الداني ، فليس الذي سمع من النبيّ مباشرة ، ورأى نور النبوة ، وشهد المعجزات ، وتيقّن منها وحظي بتعاليم النبيّ نفسه ، كمن عاش في زمن ما بعد النبيّ لم يره ولم يسمع منه مباشرة . والعقل والوجدان يفضّلان رجلاً يعيش في زماننا ، ويقيم على احترام الكتاب والسنّة وتنفيذ تعاليمهما ، على صحابي عاش مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصاحبه ، ولمّا يدخل الإيمان في قلبه وأسلم استسلاماً ، أو صاحبه على البرّ والتقوى طيلة حياته ولكنّه ارتدّ وانقلب بعد وفاته . وهذا ما يقرّره كتاب الله وسنّة رسوله إضافة للعقل والوجدان ، وكلّ من له دراية بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة ، لا يرتاب في هذه الحقيقة ولا يجد عنها محيصاً . ومثال ذلك قوله تعالى : * ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ) * ( 1 ) .