ومن ثمّ فكيف يستقيم لهؤلاء المخالفين شرف الصحبة ، وكيف يوسموا بسمة العدالة ؟ ! ذلك هو خلاصة رأي الشيعة في نفي صفة العدالة عن بعض الصحابة ، وتلك هي الأسباب العلميّة الواقعيّة التي بنوا عليها حججهم » . هذا ويعترف الدكتور حامد حفني داود في موضع آخر بأنّ نقد الصحابة وتجريحهم ليس هو بدعاً من الشيعة وحدهم ، إذ يقول : « وقديماً تعرَّض لها المعتزلة فيما تعرّضوا له من مسائل العقيدة ، ولم يكتفوا في ما تعرّضوا له بعامّة الصحابة بل تعرّضوا للخلفاء أنفسهم ، وكان لهم في ذلك خصوم ومؤيّدون . وقد كان موضوع نقد الصحابة قاصراً في القرون الأُولى على الراسخين في العلم ، وبخاصة علماء المعتزلة ، وسبقهم في هذا الاتجاه رؤوس الشيعة وزعماؤهم المتعصبين لآل محمّد . وسبق أن أشرت في غير هذا الموضع أنّ علماء الكلام وشيوخ المعتزلة كانوا عالة على زعماء الشيعة منذ القرن الهجري الأوّل ، وعليه فقضيّة نقد الصحابة إنّما هي وليدة التشيّع لآل محمّد ، ولكنّها كانت وليدة التشيّع لا لذات التشيّع ، بل لأنّ المتشيّعين لآل محمّد عرفوا بتبحّرهم في علوم العقائد بسبب ما نهلوا من موارد أئمة آل البيت ، وهم المصدر الأصيل والمعين الفياض الذي نهلت منه الثقافات الإسلامية منذ صدر الإسلام إلى اليوم » ( 1 ) .
1 - كتاب الصحابة في نظر الشيعة الإمامية لأسد حيدر ، تقديم الدكتور حامد حفني : 7 وما بعدها .