« الصديق » من الخوارج أو من الزنادقة ؟ وهو الذي أحرق الأحاديث وخطب في الناس قائلا : « أنّكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه » ( 1 ) . ألم يُقدّم أبو بكر القرآن علي السنّة ؟ بل جعله المصدر الوحيد ، ورفض السنّة بدعوى أنّ الناس يختلفون فيها ؟ ! ولماذا لم يسمّوا عمر بن الخطّاب من الخوارج أو من الزنادقة ، وهو الذي رفض السنّة النبويّة من أوّل يوم عندما قال : حسبنا كتاب الله ، يكفينا ! وقد أحرق هو أيضاً كلّ ما جمعه الصحابة من الأحاديث والسنن على عهده ( 2 ) ، ولم يقف عند ذلك الحدّ حتى نهى الصحابة عن إفشاء الحديث ( 3 ) . ولماذا لم يسمّوا أُمّ المؤمنين عائشة - التي يؤخذ عنها نصف الدين - بأنّها من الخوارج ومن الزنادقة ، فهي التي اشتهرت بعرض الحديث على القرآن ، فكانت كلّما بلغها حديث لا تعرفه عرضته على كتاب الله وأنكرته إذا عارض القرآن ، فقد أنكرت على عمر بن الخطّاب حديث : إنّ الميّت يُعذّب في قبره ببكاء أهله عليه ، وقالت : حسبكم القرآن ، فإنّه يقول : ولا تزرُ وازرة وزرَ أخرى ( 4 ) .
1 - الذهبي في تذكرة الحفّاظ 1 : 3 وهو مرسل صحيح من مراسيل أبي مليكة . 2 - الطبقات الكبرى 5 : 188 ، سير أعلام النبلاء 5 : 59 . 3 - الذهبي في تذكرة الحفاظ 1 : 6 . 4 - صحيح البخاري 2 : 81 ( كتاب الجنائز ، باب قول النبيّ : يعذّب الميّت ببعض بكاء أهله عليه ) ، وكذلك صحيح مسلم 3 : 43 ، ( كتاب الجنائز ، باب الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه ) .