حطباً كثيراً وأضرم عليهم النار ، ولولا وصول جيش المختار في الوقت المناسب فأطفأ النار واستنقذهم لبلغ فيهم ابن الزبير مراده ( 1 ) . وبعث إليه مروان بن الحكم جيشاً بقيادة الحجّاج ، فحاصره وقتله وصلبه في الحرم . وهكذا انتهت حياة عبد الله بن الزبير ، كما انتهت حياة أبيه من قبل ، كلّ منهما أحبّ الدنيا وحرص على الإمارة ، وأراد البيعة لنفسه وقاتل من أجلها ، وهلك وأهلك ، ومات مقتولا دونها ولم يبلغ مناه . ولعبد الله بن الزبير آراء في الفقه أيضاً ، وهي ردّ فعل منه لمخالفة فقه أهل البيت الذين يبغضهم ، ومن أشهرها قوله بحرمة زواج المتعة . فقد قال مرّة لعبد الله بن عباس : يا أعمى البصر لئن فعلتها لأرجمنك بالحجارة . ورد عليه ابن عباس : أنا أعمى البصر ، أما أنت فأعمى البصيرة ، وإذا أردت معرفة حليّة المتعة فاسأل عنها أُمّك ! ( 2 ) ولا نريد الإطالة في هذا الموضوع الذي كثر فيه الكلام ، وإنّما أردنا إبراز مخالفة ابن الزبير لأهل البيت في كلّ شيء حتى في الأُمور الفقهية التي ليس له فيها قدم راسخة .
1 - تاريخ المسعودي 3 : 76 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 261 . 1 - أعمى البصر ; لأنّ عبد الله بن عبّاس كفّ بصره في كبره ، وأمّا قوله : فاسأل عنها أُمّك فيقال : إنّ الزبير تزوّج أسماء بزواج متعة ، وإن عبد الله نفسه ولد من المتعة . ويقال : إن عبد الله رجع إلى أُمّه فقالت له : ألم أنهك عن ابن عباس فهو أعلم الناس بمثالب العرب ( المؤلّف ) .