برأيه : لا أُقاتل في الفتنة وأُصلي وراء من غلب ( 1 ) . كما ذكر ابن حجر بأنّ عبد الله بن عمر كان من رأيه ترك القتال في الفتنة ، ولو ظهر أنّ إحدى الطائفتين مُحقِّة والأُخرى مُبطلة ( 2 ) . عجيبٌ والله أمر عبد الله بن عمر الذي يرى الحقّ مع طائفة ويرى الباطل مع الأُخرى ، ثمّ لا يتحرّك لنصرة الحقّ على الباطل ، ولا لردْع الباطل حتى يفيء إلى أمر الله ، ويصلّي وراء الغالب ولو كان باطلا ! ! وهو ما وقع فعلا من ابن عمر . فقد تغلّبَ معاوية وقهر الأُمّة ، وتولّى عليها رغم أنفها ، فجاء ابن عمر فبايعه وصلّى خلفَه ، رغم ما فعله معاوية من جرائم وبوائق تفوق التصوّر ، ولا تخفى على ابن عمر . وقد تغلّب أهل الباطل من أئمّة الجور بكثرتهم على أهل الحقّ وهم أئمّة أهل البيت فأُبعدوا ، وقام الطلقاء والفسّاق والمجرمون الضالّون يحكمون الأُمّة بالقوّة والقهر . فترك ابن عمر الحقّ بكامله ، فلم يُسجّل له التاريخ صحبة ولا مودّة لأهل البيت ، وقد عاصر منهم خمسة أئمّة ، فلم يصلّ وراء واحد منهم ، ولم يروِ عن واحد منهم حديثاً ، ولم يحدّث ولم يعترف لواحد منهم بفضل ولا فضيلة .
1 - الطبقات الكبرى لابن سعد 4 : 149 . 2 - فتح الباري لابن حجر 13 : 40 .