وقد قدّمنا فيما سبقَ بأنّه روّج أحاديث مكذوبة ، مفادُها أنّهم كانوا يُفاضلون على عهد النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى مسمع منه بأنّ أفضل الناس أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ الناس بعد ذلك سواء ، فسمع ذلك النبيّ ولا ينكره ( 1 ) . وهو كما ترى كذبٌ مفضوح يضحك منه العقلاء ، وقد بحثنا عن حياة عبد الله بن عمر في حياة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فوجدناه شاباً صغيراً لم يبلغ الحلم ، ولم يكن له مع أهل الحلّ والعقد شأنٌ يذكر ولا رأيٌ يُسمع ، وقد تُوفّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعبد الله بن عمر في التاسعة عشر من عمره على أحسن التقادير . فكيف يقول والحالُ هذه : كنّا نُفاضِلُ في عهد النبيّ ؟ اللّهمّ إلاّ إذا كان ذلك حديث الصبيان فيما بينهم من أولاد أبي بكر وعثمان وإخوته هو ، ومع ذلك فلا يصحّ أن يُقال كان النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسمع ذلك فلا ينكرهُ ! فدلّ ذلك على كذب الحديث وسوء النوايا . أضف إلى ذلك أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يأذن لعبد الله بن عمر بالخروج معه إلاّ في غزوة الخندق ، وما بعدها من الغزوات إذ بلغ عمره خمسة عشر عاماً ( 2 ) . فلا شكّ أنّه حضر غزوة خيبر التي وقعتْ في السنة السابعة للهجرة النبويّة ، ورأى بعينيه هزيمة أبي بكر ، وكذلك هزيمة أبيه عمر ، وسمع بلا شكّ قول الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند ذلك : « لأعطين الراية غداً إلى رجل يحبُّ الله
1 - صحيح البخاري 4 : 203 ( كتاب بدء الخلق ، باب فضائل أصحاب النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) . 2 - صحيح البخاري 3 : 158 ( كتاب الشهادات باب بلوغ الصبيان ) ، وكذلك صحيح مسلم ( كتاب الإمارة ، باب سن البلوغ ) .